للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من هليوبوليس وأقامها نيرون في ملعب مكسيموس. وكانت هذه الكتلة الواحدة من الجرانيت الوردي تعلو ثلاثة وثمانين قدماً، وتزن أكثر من مليون رطل روماني. وكان أساطين المعمار، من أمثال أنطونيو دا سانجاللو وميكلانجلو، وقد افتوا بأن لا طاقة لمهندسي النهضة بنقلها. واستغرق انجاز هذه المهمة عاماً كاملا من دومنيكو وأخيه جوفاني (١٥٨٥ - ٨٦). وأنزلت الآلات الضخمة هذا الأثر ونقلته، وقام ثمانمائة من الرجال تشد أزرهم الاسرار المقدسة، و ١٤٠ حصانا، يجر أربعة واربعين حبلا سمك الواحد منها كذراع الرجل، ليقيموا المسلة فوق موقعها الجديد. وغدا دومنيكو بطل روما بعد نجاحه في المهمة، أما سيكستوس فصرب الميداليات التذكارية، وأعلن النبأ رسمياً للحكومات الأجنبية. واستعيض عن الكرة التي في قمة المسلة بصليب يحوي قطعه من «الصليب المقدس» الذي مات عليه المسيح. وأحس سيكستوس أن المسيحية استعادت سلطانها بعد أن عطلته النهضة حينا.

وجدد هذا البابا الذي لم يعرف الكلل عمارة روما غير الدينية خلال بابويته القصيرة التي لم تزد على خمس سنوات، فجلب لها كمية جديدة من الماء الصالح-تغذي سبعا وعشرين عيناً جديدة-وذلك بإعادة بناء أكوا السندريا، التي أطلق عليها اسمه «أكوا فيليتشي». وطهر الهواء بتمويل تجفيف المستنقعات، وأمكنه تحقيق تقدم طيب في هذا الميدان واستصلح من الأراضي ٩. ٦٠٠ فدان، ولكن المشروع هجر بعد موته. وتنفيذاً لأمره شق دومنيكو فونتانا شوارع فسيحة جديدة ووفق النظام الكلاسيكي، نظام الخطوط المستقيمة، ومد طريق سيستينا وغير أسمه إلى طريق فيليتشي، وأصبحت كنيسة سانتا ماريا مادجوري الرائعة مركزاً يتسوط عدة شوارع تتفرع منه، وبدأت روما تتخذ شكلها الحديث. ولكي يمول سيكستوس مشاريعه وخزائنه التي كانت خالية الوفاض عند بتنفيذها فرض الضرائب حتى على ضروريات الحياة، ومذق العملة، وباع المناصب، وأصدر