تأمينا بدخل سنوي يدفع مدى الحياة لقاء ما يقدم للخزانة البابوية من عطايا، وقد أدر ماليته بكفاية وعناية، وخلف خمسة ملايين كراون في خزانته عند موته.
أما شغله فكان السياسة الخارجية. فهو لم يطلق الأمل قط من إعادة إنجلترا وألمانيا إلى حظيرة الكاثوليكية وتوحيد كلمة العالم المسيحي ضد الإسلام. أعجبته كفاية اليزابيث في السياسة والحكم، ولكنه مد يد المعونة للمؤامرات التي استهدفت خلعها. ووعد بالمساهمة في نفقات الأرمادا الأسبانية، ولكنه ارتاب في تباطؤ فيليب، واشترط في دهاء أن تكون معونته رهناً بنزول الجيوش الإسبانية افترض أنهم ابيدوا عام ١٥٧٢ كانوا يزحفون على باريس بقيادة هنري نافار الذي لا تقل له عزيمة. وكان فيليب الثاني يمول الخلف لينفذ فرنسا من براثن البروتستنتية ويحفظها للكاثوليكية-ولأسبانيا. وكان على سيكستوس أن يختار بين أمرين: فإما أن يترك فرنسا تنحرف إلى البروتستنتينية، وإما أن يعين فيليب على تحويل فرنسا إلى ولاية اسبانية. ولكن توازن القوى بين فرنسا وأسبانيا يدا أمراً لا غنى عنه للبابوية أن أرادت التحرر من سلطان القوى لدنيوية. وفي عام ١٥٨٩ وعد سيكستوس بالاشتراك في حرب ضد هنري، ولكنه انسحب من هذه الخطة حين تعهد هنري باعتناق الكاثوليكية. وهدد فيليب بسلخ أسبانيا من واجب الطاعة للبابا، وندد يسوعي أسباني بالبابا لأنه يحرض على الهرطقة، ولكن سيكستوس لم يهتر، فاستقبل سفير هنري بالترحيب، وتبين آخر الأمر أنه على حق في ثقته بهنري، فقد استنقذت الكنيسة فرنسا؛ واستمرت فرنسا ميزان قوة ضد أسبانيا.
وكان هذا آخر انتصاراته، ولعل الجهد الذي بذله فيه أضناه. ولم يحزن على موته (١٥٩٠) لا الكرادلة ولا الأشراف ولا الشعب، أما الكرادلة فقد أجفلتهم صرامته، واما الأشراف فقد أكرهوا على طاعة