آخرين شكوا إلى محكمة تفتيش روما (١٦٤٥) من أن اليسوعيين يغضون من قدر الصليب وعقيدة الخلاص الإلهي لما قد يصدم الصينيين مهما إذ لا عهد لهم بفكرة البشر يقتلون إلها، ومن أن اليسوعيين يتلون القداس بالصينية دون اللاتينية، وأنهم أذنوا لمن نصروهم بأن يحتفظوا بكثير من شعائر دينهم القومي، وأن المبعوثين اليسوعيين يقتنون المال لأنهم يعملون أطباء وجراحيين وتجارا ومرابين ومشيرين للقواد والأباطرة. أما اليسوعيون فقد راعهم إصرار الدومنيكان والفرانسسكان على أن يقولوا للصينيين إن المسيحية هي الملاذ الوحيد من الهلاك الأبدي، وأن الأسلاف الذين يعبدونهم إنما يصلون نار جهنم. وأمر أنوسنت العاشر اليسوعيين بحظر قرابين اللحم والشراب التي تقدم لظلال الأجداد. وكان الآباء اليسوعيون خلال ذلك يرسلون إلى أوربا أوصافا لحياة الصين ودوينها وفكرها، وهي الأوصاف التي قدر لها أن تشارك في ازعاج السنية المسيحية في القرن الثامن عشر.
وأما في أمريكا الجنوبية فقد اكتسب المرسلون اليسوعيون احترام الوطنيين وثقتهم بفتحهم المدارس والمراكز الطبية، وبذلهم الجهود الشاقة للتخفيف من وحشية السادة الأسبان. وقد صنفوا المعاجم وكتب النحو، وارتادوا المجاهل الداخلية الخطرة، ودفعوا الجغرافية دفعة هائلة. وارسلوا إلى أوربا قشرة الشجرة البيروية التي أصبحت-في هيئة الكينين- العقار الثابت لعلاج الملاريا. وفي براجواي أنشئوا مجتمعا مثاليا شيوعيا.
هنالك في سهول الباميز والغابات التي تحف بنهر أوروجواي، وفوق الشلالات الخطرة التي ثبطت همة المستعمرين، نظموا مستوطناتهم الهندية. واذن لهم فيليب الثالث ملك أسبانيا في أن يحظروا الإقامة فيها على جميع البيض فيما خلا اليسوعيين المستعمرة. وقالوا إنهم وجدوا في الأهالي براءة ومودة- ومائتا ألف من الهنود صالحون من جميع