للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشاعر أن يرسل إلى دير القديس فرنسيس، فأمر الفونسو بارساله إليه، وأوصى بأن يعطي مسهلا. وخضع تاسو، ولكن ثائرته ثارت في الدير، فاتهم الرهبان بأنهم يغشون نبيذه، وطلب الرهبان اعفاءهم من وجوده. فرد إلى قلعة الدوق ووضع تحت الحراسة. ولكنه هرب متخفيا في ثوب فلاح، وضرب في الأرض سيرا على قدميه وحيداً عبر الأبنين حتى بلغ بيت أخته كورنيليا في سورنتو. فاستقبله بحنان مشرب بالمحبة.

وكان ممكنا أن يظفر بشيء من صفاء الذهن والسعادة هناك لولا قلقه على مصير القصيدة العظيمة التي ما زالت محبوسة عن النشر والتي خلفها وراءه في فيرارا، ولعله بعد أن طال إلفه لحياة القصور افتقد أسباب الراحة التي صاحبت شدائده، فذهب إلى روما ورجا سفير فيرارا أن يتشفع له عند الفونسو. وأرسل الدوق مالا للعناية به ووافق على عودته شريطة أن يتعهد بالتزام الهدوء والحضور للعلاج الطبي. وحين وصل إلى فيرارا (١٥٧٨) أعطي مسكنا خاصا خارج القصر، وزود بخادم، ووافوه بالطعام من مائدة الدوق. وقبل تاسو المسكنات والمسهلات طائعاً، وواصل كتابة الشعر الرائع. ولكنه كان يأمل في العودة إلى مكان الحظوة في البلاط، فوجد بدلا من هذا كل إنسان تقريبا يعامله كأنه مجنون. ولم يعد الدوق ولا الأميرتان يسمحون له بمجالستهم. أما شر الاهانات فأمر الفونسو بأن تؤخذ مخطوطات الشعر منه، ومن بينها «أورشليم» مخافة أن يتلفها.

وفي يونيو ١٥٧٨ هرب تاسو مرة أخرى من فيرارا، وذهب إلى مانتوا وبادوا والبندقية وأوربينو وتورين. وهناك أكرم الدوق شارل ايمانويل مثواه، وبذل له كل اسباب الراحة التي عهدها في فيرارا. ولكن ما مضت ثلاثة أشهر حتى التمس الشاعر القلق من الفونسو أن يرده، ربما حرصا منه على استرداد مخطوطاته. ووافق الفونسو، وفي فبراير ١٥٧٩ أسكن تاسو مرة أخرى قصر الدردينال لويجي دستي. ولكن الفونسو،