فيقع اختيارهم على أرميدا الحسناء أداة لتنفيذ خطتهم، وهي عذراء دمشقية ذات قوة سحرية. ويقع رينالدو وغيره من الفرسان في فخ حديقتها المسحورة، ويرتاح رينالدو بين ذراعيها. أما تانكرد، الفارس المسيحي المثالي، الشهم الهمام، فيعجب بشجاعة كلوريندا ويقع في غرامها برغم حواجز العقيدة. وفي جزء من أجمل أجزاء القصيدة (١٢) تختفي كلوريندا وتقاتل تانكرد حتى تقتل، ثم تتوسل إليه وهي في النزع أن يدخلها في دينه. ويرسل جودفري الجند للعثور على رينالدو والفرسان المفقودين، فيكتشفون قلعة أرميدا، ويتجنبون «الحسان العرايا» اللاتي يسبحن في بركتها، ويحررون الأسرى. وتغضب أرميدا لهجر رينالدو لها، فتعرض نفسها مكافأة لمن يقتله. ويضطلع تسيفرنيس بالمهمة، ولكن رينالدو ينفذ رمحه فيه. وتنوي أرميدا الانتحار، لكن رينالدو يثنيها عنه بحب متجدد، فترتضي اعتناق المسيحية، وتستسلم له بعبارة مريم العذراء «هوذا أنا أمة الرب». ويتسلق المسيحيون الأسوار، ويذبحون جيش المسلين، ويقدمون الشكر لله. ولكن القصة لا تسترسل إلى ذكر حرق اليهود.
كان أريستو يرمق قصة الفروسية بابتسامة ساخرة. أما تاسو فقد احياها بملء الجد، واضاف سحر العصر الوسيط ومعجزاته إلى الجهاز الكلاسيكي- جهاز الأرباب التي تتدخل في الأحداث. وكانت الحركة المعارضة للإصلاح البروتستنتي قد قمعت حيناً روح الفكاهة الإيطالي القوي. والافتقار إلى الفكاهة مهد لجنون تاسو، فالكون يجب ألا يؤخذ مأخذ الجد الخالص. ولكن تاسو في ملحمته هو الإيمان غير منازع، والعاطفة لا مخفف لها. وهو يزين القصيدة بأخيلة جعلت جاليلو يشبهها بمتحف من الغرائب (٨٣)، ويكتب نقداً غاضباً على هامش نسخته (٨٤). والتقليد في الملحمة واضح: تقليد هومو في مناظر القتال، وفيرجل في زيارة الجحيم، واريوستو في الغراميات، وفيرجل ودانتي وبترارك في الأفكار وفي أبيات بأسرها. أما السحر فصبياني، وأما الأمازونيات فغير معقولات. ولعل ملحمة «أورشليم»