الباروك: وفيلاسكويز في افضل أعماله كلاسيكي أو واقعي، أما سرفانتس فبعد أن عاش حياة رومانسية ألف «دون كخوته» في اتزان وهدوء كلاسيكيين. ولكن هل كان الفنانون والأدباء الكلاسيك دائماً كلاسيكيين؟ وهل هناك أكثر باروكية من لاوكون المناضل، القبيح؟ إن التاريخ يبتسم سخرية من كل المحاولات التي تبذل لإكراه مياهه على أن تجري في قوالب نظرية أو أخاديد منطقية، وهو يعبث أشد العبث بتعميماتنا، ويحطم كل قواعدنا. إن التاريخ ضرب من الباروك.
على أن عاملاً قوياً واحداً ظل ثابتاً في الفن الإيطالي، فما زالت الكنيسة أنشط رعاته وأقدرهم على تشكيله. كان هناك بطبيعة الحال رعاة آخرون ومؤثرات أخرى. فقد شيدت اسر الأمراء والكرادلة المثقفون القصور الخاصة، وواصلوا في تزيينها ببعض الموضوعات الوثنية، مثال ذلك أن أودواردو فارينزي عهد إلى المصورين كاراتشي بأن يرسموا له «انتصار باخوس» و «حكم الغرام». ولكن مجمع ترنت وحركة الإصلاح الكاثوليكي التالية له حددا للفن اتجاهاً أكثر صرامة، فتراجعت الأجساد العارية من الفن الإيطالي، ولم تعد الموضوعات الدينية تستخدم مطية للحس ولم يثن البابا كلمنت الثامن عن تغطية لوحة ميكل انجيلو «الدينونة الأخيرة» كلها، وسراويل دانييلي دا فولتيرا وما حولها، إلا توسلات فناني روما. وقد دافع المجمع عن الصور الدينية ضد هجمات الهيجونوت والبيوريتان، ولكنه أصر على أن توحي هذه الرموز بالخشوع لا أن تلهب الدم والعروق. وبينما استنكر المصلحون عبادة مريم والابتهالات إلى القديسين، روى مصورو إيطاليا ومثالوها في فترة معارضة الإصلاح البروتستنتي، من جديد، عذابات الشهداء، ورووها بواقعية قاسية أحياناً، وحكموا مرة أخرى قصة العذراء ام الإله، بعاطفة واعية. وتعاون حرص الكنيسة على تجريد الفن من الوثنية وبث العقيدة والتقوى