ويعكس برنيني عيوب الباروك أكثر من أي فنان آخر. فخطابه للعاطفة مسرف في الوضوح، وقد حسب التكلف درامياً، واللطف جمالاً، والإفراط في العاطفة تعاطفاً، والضخامة جلالاً. وخلع على النحت تعبير الوجوه الحاد بينما هو ميزة اختص بها التصوير عادة. وقد أضعفت واقعية التفاصيل، المغالية في الدقة، من التأثير السيكولوجي لفنه أحيانا. وقل أن بلغ في تماثيله ذلك السكون الذي يضفي تفوقا خالدا على منحوتات أثينا في عهد بركليس. ولكن لم يجب أن يعبر التمثال دائما عن السكون؟ ولم لا تغزو الحركة والشعور وحرارة الحياة الرخام والبرونز وتبعث فيهما الحياة؟ أنها فضيلة في نحت الباروك وليست عيبا أنه جعل الحجر يحس ويتكلم. لقد اتبع برنيني المبدأ الهوراسي وأحس بما عبر عنه - بنعومة بشرة الفتاة، وحيوية الشباب الرشيقة، وهموم القادة ومتاعبهم، وورع القديسين ووجدهم.
ولقد تقبله الناس قرابة خمسين عاماً إماماً لمعماريي عصره. وفي عام ١٦٦٥، حين فكر كولبير ولويس الرابع عشر في إعادة تخطيط اللوفر وتوسيعه، وجها الدعوة إلى برنيني ليحضر إلى باريس ويضطلع بهذه المهمة. فذهب إليها وصمم، لا بحكمة ب بغلو في البراعة - وجاوز في الفخامة الذوق والمال الفرنسيين. وفضلت على تصميمه واجهة بيرو الأكثر صرامة، وقفل برنيني إلى روما يجرر أذيال الخيبة. هنا (١٦٦٧) رسم لنفسه تلك الصورة الطباشيرية الرائعة، المحفوظة الآن في قلعة ونزو - خصل بيضاء تتراجع فوق رأس قوى البأس، ووجه خلف عليه الجهد التجاعيد والعقد، أما العينان الوديعتان بالأمس فقد أصبحتا جامدتين خائفتين، كأنهما تريان إلى أين تفضي مدارج المجد. ولكنه لم ينهزم بعد، فقد ظل ثلاث عشرة سنة أخرى يبني وينحت في عنف، «حاداً في روحه، راسخاً في عمله، حاميا في غضبه (٨٩)» وحين خبت جذوته (٢٨ فبراير ١٦٨٠) كان قد عمر إلى ما بعد النهضة الإيطالية.