للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والجوارب الطويلة القاتمة الضيقة، والأحذية ذات المشابك، أما النبيلات (وكلهن نبيلات) فيغطين ما استدار من اجسامهن بالمشدات القاسية المستوية، ويحجبن عن الجنس الآخر كل وجوههن فيما عدا العيون (وهي في نساء الأسبان شديدة التوقد)، ويخفين اقدامهن في خفر بحيث كانت لمحة واحدة إليها أعظم المكافآت المثيرة التي تجزي بها توسلات العاشق الولهان (٨). وأصبح لباس النساء أكثر بهاء إبان التراخي الخلقي الذي أعقب موت فيليب، فالمراوح ترف في مداعبة بلا كلام، والصباغ الأحمر يلمع على الوجوه والأكتاف والنحور والأيدي، والسيقان التي يلفها الغموض تخفي في تنانير من سعتها أن اصحاب المسارح كانوا يتقاضون أجر كرسيين من لكل امرأة تعاظم حجمها على هذا النحو.

وظلت مصارعة الثيران المفضلة. وقد أصدر البابا بيوس الخامس مرسوماً بحظرها عام ١٥٦٧، ولكن فليب الثاني احتج بأن هذا الخطر سيطلق ثورة في اسبانيا، فأهمل المرسوم. واضافت المواكب الدينية شيئاً من الشعر الحزين إلى الأيام العادية الخالية من الاثارة. وسترت اقنعة الكرنفال كثرة من الخطايا. أما الموسيقى فغرام لا يفوقه غير الدين والعشق - وهو وثيق الصلة بهما. فالفويلا في شكلها بالقيثارة تعزف الحانا شجية تلازم العلاقات الرامية. وقد حظيت الأغاني الشعرية القصيرة بشعبية مؤقتة. ونافست اسبانيا إيطاليا في الموسيقى الكنيسة. وقد نشأ توماس لويس دي فكتوريا، وهو بمثابة فلاسكويز الموسيقى الأسبانية، في أفيلا (آبله)، بلد القديسة تريزا، ولعله وقع تحت تأثيرها. وكان يملك الصوت والوظيفة، ولعله رسم قسيسا عام ١٥٦٤، ومن المؤكد أن فيليب أجرى عليه إعانة ليدرس الموسيقى في إيطاليا. ونحن نراه في سنة ١٥٧١ رئيسا لفرقة المرتلين في الكلية الجرمانية بروما. وفي عام ١٥٧٢ أصدر كتابا من الألحان يحوي موسيقى» Ovos omnes« ( يا جميع الآلهة) الملهمة المرافقة لمراثي أرميا لأورشليم. ولما عاد إلى اسبانيا قدم لفليب الثاني