للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بكل السلطة الحقيقية وكل القرارات النهائية - وهو ما فعله فيليب إلى آخر نسمة من حياته. وفي تلك السنة (١٥٤٣) تزوج فيليب ابنة خاله الأميرة ماريا البرتغالية، ولكنها ماتت عام ١٥٤٥، عقب أن أنجبت له ابنا «سيئ الطالع» هو الدون كارلوس، فعقد فيليب زواجا من احدى بنات الشعب هي إيزابيللا دي أوزوريو، التي انجبت له عدة أطفال. وألح عليه أبوه في فسخ هذا الزواج، وكان لزاما على كل أمير هابسبورجي أن يعين على تأليف نطاق من الحلفاء حول العدو القديم فرنسا. لذلك وجب على فيليب - لكي يؤمن قوة أسبانيا في الأراضي المنخفضة من تدخل إنجلترا - ان يبتلع حاسته الجمالية ويتزوج ماري تيودور ملكة إنجلترا الكاثوليكية. وينجب منها بنين يحتفظون بإنجلترا في حظيرة الكاثوليكية. وهكذا نراه في عام ١٥٥٤ يعبر المانش، ويتزوج ماري الدميمة، العليلة، المؤملة في الحلف (وكانت تكبره بأحد عشر عاما)، ويبذل قصاراه لاخصابها، ولكنه يخفق، فيرحل (١٥٥٥) ليصبح حاكما للأراضي المنخفضة.

وتمضي السنون وأعباؤه تثقل. ففي عام ١٥٥٤ كان قد نصب حاكما لمملكة نابلي وصقلية المزدوجة. وفي عام ١٥٥٦ تخلى له شارل عن تاج أسبانيا. وظل فيليب أربع سنوات يحكم أملاكه المبعثرة من بروكسل. وقد ناضل للتوفيق بين رزانته الاسبانية وبين المرح الفلمنكي والمالية الهولندية. لم يكن يستطيب الحرب، ولكن قواده كسبوا له في سانت كوينتين (١٥٥٧) معركة حمل الفرنسيين على ابرام معاهدة كاتو - كامبريزي. ورغبة منه في إقامة بعض روابط الصداقة مع فرنسا تزوج فيليب من اليزابيث فالوا، ابنة هنري الثاني وكاترين مديتشي، وبعد أن خال الأمور قد استقرت ودع الأراضي المنخفضة وأبحر من غنت (أغسطس ١٥٥٩) وحبس نفسه بقية حياته في أسبانيا.

ونقل العاصمة من طليطلة إلى مدريد (١٥٦٠)، وما لبث ان حمله حبه للعزلة، وعدم ارتياحه إلى الوجود وسط الجماهير، على تكليف