وزرائه، الزاهدين في المهمة، بأن يراقبوه. ووضع كارلوس الخطط للهروب، وبعث بعملائه لجمع المال، وجمع ١٥٠. ٠٠٠ دوكاتية، وأمر بأن يؤتى له بثمانية جياد لهروبه _يناير (١٥٦٨). غير أنه اسر بخطته لدون جوان النمساوي، الذي أفضى بها إلى الملك. وخاف فليب أن تستعمل اليزابث ملكة انجلترا، أو وليم أورنج، ابنه-إذا سمح له بمغادرة أسبانيا-منافسا لأبيه تمهيدا لعزله، فأمر بتشديد الرقابة على الأمير، وهدد كارلوس بالانتحار، فجرد فليب من كل سلاح وحبسه في القصر الملكي بمدريد.
إلى هناك كان مسلك فليب يسمح بالدفاع عنه، ولكن التعصب بدأ يعمق المأساة. ذلك أن الملك حين اشتبه في هرطقة ابنه أمر بألا يسمح له بأي كتاب الا كتاب صلوات يومية وبعض كتب العبادة. ورفس كارلوس الكتب وأهمل كل الطقوس الدينية. وأنذره قسيس بأن مسلكه قد يحمل محكمة التفتيش على التحقيق في صحة مسيحيته، وحاول كارلوس أن يقتل نفسه، ولكن حيل بينه وبين ذلك، على أنه حقق هدفه بأن رفض كل طعام قدم إليه طوال أيام ثلاثة، ثم أتخم نفسه باللحم والماء المثلج، فأصيب بالدوسنتاريا، ورحب الأمير بالموت، وتناول القربان لآخر مرة، وسامح أباه، ثم مات غير متجاوز الثالثة والعشرين (٢٤ يوليو ١٥٦٨). واتهم انطونيو بيريز-عدو فليب المنفي-الملك بأنه دس السم لكارلوس، وصدقت معظم أوربا التهمة، ولكن البحث دحضها (١). على أن صرامة سجن الفتى من النقط السوداء الكثيرة التي تلوث سجل الملك.
(١)» في الحادث الأليم، حادث سجن الدون كارلوس وموته، سلك فليب مسلكا شريفا «-الموسوعة البريطانية، ١٧، ٧٢٢. قارن مارتن هيوم في كتابه» أسبانيا «عظمتها وانحلالها «١٥٠،. تريفور ديفز» القرن الذهبي لأسبانيا «١٤٩.