للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسبانيا عما قليل (٤٠). وقدم خوان دي ريبيرا رئيس أساقفة بلسنبة المذكرات إلى فيليب الثالث (١٦٠٢) يحضه فيها على طرد جميع المغاربة الذين تزيد أعمارهم على السابعة، وقال في تفسيره للكوارث التي نزلت بأسبانيا، بما فيها تدمير الارمادا، إنها عقوبات أنزلها الإله لإيوائها الكفار، فهؤلاء المسيحيون المزيفون يجب ترحيلهم، أو ارسالهم لسفن العبيد، أو شحنهم بالمراكب إلى امريكا ليشتغلوا عبيدا في المناجم (١) (٤١). وبرغم تحذيرات البابا، وبرغم احتجاجات ملاك الأراضي الذين كانوا ينتفعون من مستأجريهم المغاربة، أصدر ليرما (١٦٠٩) مرسوما أمر به جميع مسلمي اقليم بلنسبة - مع بعض الاستثناءات - بأن يستقلوا خلال ثلاثة أيام مراكب أعدت لهم لينقلوا إلى أفريقيا، غير حاملين معهم من المتاع أكثر مما تطيقه ظهورهم. وتكررت الآن المناظر التي رافقت طرد اليهود قبل ١١٧ عاما. وأكرهت الأسر البائسة على بيع أملاكها بخسائر فادحة، وساروا إلى الموانئ يتعثرون في شقائهم، وسرق الكثيرون منهم، وقتل البعض، في طريقهم إلى السفن أو وهم على ظهورها. فلما وصلوا إلى افريقيا تهللوا لبلوغهم أرضاً مسلمة، ولكن ثلثيهم هلكوا جوعاً أو قتلوا باعتبارهم مسيحيين (٤٢). وفي شتاء ١٦٠٩ - ١٠ أجلت حركات طرد أخرى من بقى من المغاربة في غير بلسنبة، وهكذا نزعت أملاك ٤٠٠. ٠٠٠ من أكثر أهل أسبانيا انتاجا وأقصوا عن البلاد. وكان هذا في أعين الشعب أمجد منجزات الحكم، وتطلع الأسبان السذج إلى عهد أكثر رخاء، بعد أن استرضوا الإله بتخليص اسبانيا من الكفار. واغتبطت الحاشية بالحصيلة التي تجمعت من مصادرة أملاك المغاربة، فكان نصيب ليرما منها ٢٥٠. ٠٠٠ دوكاتية، ونصيب ابنه ١٠٠. ٠٠٠، ونصيب ابنته وصهره ١٥٠. ٠٠٠ (٤٣).


(١) أدخل خوان دي ريبيرا في زمرة القديسين عام ١٩٦٠.