للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسبانية اثنتين وثمانين دوكاتية. ثم شارك في معارك حربية أخرى- في نافارينو، وتونس، وجوليتا (لاجوليت). وأخيرا سمح له بالعودة إلى أسبانيا، ولكن قرصان البربر أسروه هو وأخاه رودريجو في رحلة العودة إلى الوطن (٢٦ سبتمبر ١٥٧٥) وباعوهما في سوق الرقيق بالجزائر. واقنعت الرسائل التي حملها من دون جوان وغيره آسريه بأنه رجل ذو حيثية، فطلبوا عنه فدية كبيرة. وظل ميجل أسرا خمس سنوات مع ان أخاه أطلق سراحه في عام ١٥٧٧. وحاول الهروب غير مرة. ولكنه لم يجن من محاولاته غير تشديد النكير عليه. وصرح الداي وهو الحاكم المحلي، بأنه «إذا استطاع أن يؤمن حراسة ذلك الأسباني المعطوب الذراع فقد أمن عاصمته وعبيده وسفنه (١) (١٧)» وكافحت أمه لتجمع الخمسمائة كراون التي طولب بها للافراج عنه، وضحت أخواته بمهورهن في هذا السبيل، وأخيرا (في ١٩ سبتمبر ١٥٨٠) أفرج عنه، وبعد رحلة مضنية لحق بأسرة أمه في مدريد.

كان مملقاً عاجزاً، لذلك لم يكن أمامه من سبيل الرزق غير العودة إلى الانخراط في الجيش. وهناك من الدلائل ما يشير إلى أنه مارس الخدمة العسكرية في البرتغال والأزوره. ووقع في غرام سيدة نبيلة تصغره بثمانية عشر عاما ولا تملك غير أسمائها الكثيرة: كاتالينا دي بالاكيو سالازار إي فوزميديانو الإسكيفية. وتحت الحاح الحب والفاقة كتب سرفانتس رواية رعوية تسمى «غلاطية» باعها بمبلغ ١. ٣٣٦ ريالا (٦٦٨ دولارا؟). وتزوجته السدة الآن (١٥٨٤)، فقدم إليها ابنة غير شرعية وأقنعها بأن تربيها كأنها ابنتها، وكانت قد ولدتها له حسناء عابرة قبل سنة (١٨). أما كاتالينا نفسها فلم تنجب. وكانت تعنفه بانتظام على فقره، ولكنها ظلت وفية له فيما يبدو، وعمرت بعده، وحين ماتت طلبت ان تدفن إلى جواره.


(١) أن قصة الأسير في «دون كخوتة» (الجزء الأول، الكتاب الرابع، الفصول ١٢ - ١٤) ترجمة ذاتية إلى حد كبير.