للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثورة قبيلة هندية في امريكا الجنوبية، كتبها الونسو دي ارسيللا إي زونيجا الذي أبلى بلاءً حسناً في تلك الحرب وهو جندي أسباني. وربما كان أبدع الشعراء الغنائئين راهباً أوغسطينياً اسمه لويس بونسي دي لوين، لم يمنعه بعض الدم اليهودي الذي اختلط بدم اسلافه من تصوير أرق جوانب التقوى المسيحية، وأعجب منذ لك جمعه بين الشاعر واللاهوتي، ففي سنته الرابعة والثلاثين عين أستاذا للإلاهيات في جامعة سلامانكا، وما برح طوال حياته متعلقاً بهذه الجامعة، ومع ذلك لم تمنعه جهوده الدراسية وحياة النسك من التحليق في أجواء الشعر الغنائي. ودعته محكمة التفتيش لتحاكمه (١٥٧٢) على ترجمة نشيد الإنشاد إلى شكل من اشكال الحوار الرعوي. واحتمل عذاب السجن خمس سنين، فلما أفرج عنه استأنف محاضراته في الجامعة بهذه الكلمات الساخرة «لاحظنا في آخر لقاء لنا … (٣٥)» وقد وافق رؤساءه على أن قرض الشعر لا يليق برجل اللاهوت، فترك قصائده دون نشر، ولم تصل إلى المطبعة إلا بعد موته بأربعين سنة. وهي بالاجماع أقرب إنتاج اللغة القشتالية إلى الكمال.

وكان لويس دي جونجرا وفرانسسكو جومز دي كويفيدو أي فيلليجاس لا يزالان يفوقانه شهرة لأنهما أثارا الضجيج بالجدل كما أثاراه بالشعر، وخلفا بعدهما مردستين متفائلتين هما الجونجورية والكونسبتية، باعتبارهما فلسفتين من فلسفات الأسلوب. وقال سرفانتس-الذي لم يبخل بكلمة ثناء على كل منافسيه فيما عدا لوبي وأفيللانيدا- في وصف جونجورا إنه «عبقري نادر، مثير، لا ثاني له (٣٦)» وفي هذا المقطع من قصيدة الشاعر القصصية «إلى الأرمادا» نلتقط صدى بعيدا لصيحة الكراهية والحقد: -

«إيه أيتها الجزيرة!

كنت يوماً وفية للكثلكة، قوية البأس،

حصناً للإيمان انقلب هيكلا بغيضا للهرطقة،

كنت معسكراً للحرب المدربة، ومدرسة للحكمة المقدسة،