للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتى عليك زمن كان فيه هذا الجلال جلالك

وتغنى الشعراء أول ما تغنوا ببيرق تاجك،

أما الآن فالأعشاب الكئيبة التي تبنت عند بركة الجحيم

تصلح أكليلاً لك. يا وطن الكمأة

من كل أرثر، وإدور، وهنري! أين هم اليوم منك؟

أين أمهم التي سعدت يوماً ببأسهم

وثبتت في قوة الإيمان؟ إيه يا جزيرة المرأة

التي تحكمك الآن، لقد قضى عليك بالعار الأبدي

أيتها الملكة البغيضة يا قاسية القلب عابسة الجبين

أيتها الفاجرة الصارمة الشرسة الداعرة،

يا امرأة تربعت على العرش، يا لعنة الفضيلة الصادقة

يا شبيهة الذئبة في كل طباعها،

لتمطر السماء على ضفائرك الكاذبة لهيبها العادل (٣٧)

هنا قلم جدير بالتودد له. لا عجب إذن أن جعل فليب الرابع هذا الشاعر الناري (الذي أصبح الآن قسيسا) كاهنه الملكي الخاص، فربط مواهبه بالعرش. وجهد جونجورا ليكتسب نعومة الأسلوب ودقة العبارة. وأعلن الحرب على الكتابات المتعجلة ككتابة لوبي دي فيجا، وأصر على وجوب تهذيب كل بيت من الشعر وتصفيته وصقله ليكون حجرا كريما. ولكنه في تحمسه غالي فجعل من الفن صنعة وتكلفا، واثقل أبياته بالكثير المسرف من الاستعارات، والنعوت، والتقديمات والتأخيرات، والطباقات، حتى بز لايلي في تأنقه وفاق ماريني في تكلفه. أنظر إليه يقول في مفاتن صبية يخلب حسنها الالباب:

عيناها التوأمان اللامعتان كالشمس

تحيلان صقيع النرويج صيفا،

وتلك العجيبة البيضاء، يدها الناصعة كالثلج،