أشيب، متحرر من الوهم، مرهق، صفوح، والآخر- دييجو - في ثوب الكاهن، ولكنه يبدو أشد إقبالاً على الدنيا، وأكثر مرحاً، وحسن التكيف مع محيطه. ولا يفوق هذه الدراسات العميقة سوى بعض لوحات رمبرانت وتتسيانو، ولوحة رفائيل "يوليوس الثاني".
وهي بعض الذخائر التي يضمها متحف كازا ديلجريكو في طليطلة. وفيه أيضاً "تصميم مدينة طليطلة"، وهو يشرف هنا على المدينة كلها وعلى التلال التي تكتنفها وكأنه يطل عليها من سحابة. وقد صورها مرة أخرى في أخريات عمره في لوحة "منظر طليطلة" ومن فوقها سماء عاصفة (نيويورك) - صورة تأثرية تزدري الدقة الواقعية كل الازدراء. وحين أقبل عام ١٦٠٠، كان "اليوناني" قد أصبح من أشهر مواطني المدينة، يعرفه الجميع بروحه المتقلبة المتكبرة، صوفيا يستطيب بالمال، ويشغل أربعاً وعشرين حجرة في قصر عتيق، يستأجر الموسيقيين ليعزفوا له خلال تناوله الطعام، ويجمع من خوله مثقفي طليطلة، ويكرمه الناس بوصفه "فيلسوفا كبيرا". (١٤) وحوالي عام ١٦٠٥ رسم صورة يفترض أنها صورته الذاتية (نيويورك) - أصلع، أشيب، يكاد يكون أعجف. وفي عام ١٦١١ وجده باتشيكو في حال من الهزال أعجزته عن المشي. ولم يستطيع دفع ديونه وإن احتفظ بغرفه الأربع والعشرين، وقرر له مجلس المدينة مبالغ كبيرة غير مرة. ومات عام ١٦١٤ وهو في الثالثة والسبعين.
أما مقامه في دنيا الفن فمغامرة تالية لموته. كتب عنه جونجورا سونيتة مديح، وأقر فيلاسكويز بعبقريته، ولكن فنه الغريب لم يوح بأي محاكاة له ولم يؤسس أي مدرسة. ولم تأت سنة ١٦٥٠ حتى تاه أمام بهاء شهرة فيلاسكويز، وطواه النسيان تقريبا مدى قرنين، ثم اكتشفه دلا كروا من جديد، واحتذى ديجا ومانيه وسيزان طريقته في التعبير عن الحالات النفسية، ورأى فان جوخ وجوجان فيه سلفاً لهما. وفي عام ١٩٠٧ رفعت "الرحلة الاسبانية" التي كتبها "يوليوس