للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الانحرافات الجنسية والصراعات الشخصية التي تفني الكثير في كثير من الفنانين، كان يحظى بمقام رفيع في القصر بفضل آدابه العالية، وروحه المرحة، وحياته الأسرية المهذبة. وقد خلف لنا صوراً لزوجته خوانا وابنته فرانسسكا (٣١)، ولعل النموذج الذي نقل عنه لوحته "السيدة ذات المروحة" (٣٢) " هو أيضاً فرانسسكا. وقد رسم زوجها خوان باوتستا ديل ماتو لوحة سماها "أسرة الفنان" (٣٣) يبدو فيها فيلاسكويز وفي خلفيته مرسم، ومعه خمسة أطفال أعانوا على وحدة الأسرة.

وكان موته نتيجة لوظيفته. ففي ربيع عام ١٦٦٠ رتب المراسم والاحتفالات المعقدة التي تقرر أن تصاحب توقيع معاهدة البرانس على جزيرة في نهر بداسوا الواقع على الحدود، وخطبة الأميرة ماريا تريزا للويس الرابع عشر. وكان على فيلاسكويز أن يدبر نقل الحاشية إلى منتصف الطريق عبر أسبانيا إلى سان سباستيان، ويجهز أربعة آلاف من بغال النقل لحمل الإناث والصور وقطع النسيج المرسوم وغير ذلك من زينات، وعاد المصور، الذي تاه الآن في الموظف، إلى العاصمة "وقد أضناه سفر الليل وكد النهار" كما ذكر لصديق. وفي ٣١ يوليو لزم الفراش مصاباً بحمى ثلثية، وفي ٦ أغسطس، أو بعبارة أول مترجم لحياته "في عيد تجلي المسيح … أسلم روحه الله، الذي خلقها لتكون أعجوبة من أعاجيب الدنيا (٣٤) ". وما مضت ثمانية أيام حتى ووريت زوجته الثرى إلى جواره.

والذين لا علم لهم منا بتقنية التصوير لا يستطيعون إلا الاستمتاع بآثار فيلاسكويز- لا حاكمين على جودتها، بل تاركينها لترينا عصراً، وبلاطاً، وملكاً خاملاً، وزوجاً جمعت بين الكبرياء والرقة. وحتى نحن في هذا الوضع قد نتذوق ما في هذه الصور من صفاء وبساطة ووقار وصدق كلاسيكي، ونستطيع أن نحزر ما وراء انتصاراتها من جهد ومهارة، وما اقتضته من محاولات اجتهادية، وتوزيع تجريبي للأشكال، وتراكب وعمق وشفافية في الألوان، وحركة مشكلة للأضواء والظلال. أما النقاد