الذين تعبوا من المديح المتكرر فقد أشاروا إلى عيوب الفنان الأسباني الكبيرة: أخطاء صغيرة كالأغطية البلهاء التي ألبسها رؤوس أميراته الصغار، وبطون جياده الغليظة، والوجه عديم التناسب، المعكوس في المرآة، في صورة "فينوس روكي"، ثم عيوب كبيرة، كافتقاره إلى العاطفة، والخيال، والمثالية ورقة الاحساس، وفنائه في الشخصيات لا في الأفكار فناء يكاد يكون نسائياً، وعماه الواضح عن كل شئ لا تراه عيناه (٣٥). وحتى في أيام فيلاسكويز، اتهمه أحد منافسيه المدعو فنتسنزو كاردوتشي بطبيعية قصيرة النظر تحسب أن التشخيص المدقق للواقع الخارجي هو أسمى وظائف التصوير.
فمن يجيب عن فيلاسكويز (الذي ما كان ليجيب قط) بأنه غير مسئول عن أغطية الرؤوس ولا عن بطون الخيل تلك، وبأن العاطفة المضبوطة أوقع في النفس من العاطفة المعلنة، وبأن صور بالتازار كارلوس والأميرات، وصور وصيفات الشرف، وصورة استسلام بريدا- كلها تبدي احساساً رقيقاً مرهفاً، وان "أيسوبس" و "منيبوس" دراستان في الفلسفة، وان صور جونجورا، وأوليفاريس، وإنوسنت العاشر، ليست محاكاة للظاهر بل إنبعاثاً للروح؟ وليس في فن فيلاسكويز سعي سافر وراء الجمال، بل بحث عن النوع الكاشف منه، اناث قليلات يرقق الحسن منهن، ولكن رجال كثيرون خطتهم الحياة وميزتهم.
ومع أن فيلاسكويز كان على الدوام موضع الاجلال في أسبانيا بوصفه مصورها الأعظم، فان شهرته لم تكد تعبر البرانس، ربما لأن الكثير جداً من فنه كان في البرادو- حتى قدمه رفائل منجز لألمانيا عام ١٧٦١، وكشفت عنه حروب نابليون الأسبانية لإنجلترا وفرنسا، ونادى به مانيه والتأثريون رائداً لهم في دراسة الضوء والجو والتعبير عنهما، ووضع فيلاسكويز طوال نصف قرن في مصاف أعظم المصورين، وسماه وسلر "مصور المصورين" لأنه استاذهم جميعا، وصرح رسكن بقوة الرجل