الثلاثين، وملأ بيته بضجيج تسعة أطفال وشجارهم وبهجتهم، وشقي من أجلهم راضياً حتى موته. ونقدته هيئة الكاتدراية عشرة آلاف ريال عن لوحته "القديس أنطوني البارودي" التي ما زالت معلقة هناك. وتؤكد لنا قصة يشتبه أنها صدى لأسطورة رويت عن زيوكس (٤١)، ولكنها طبعت قبل موت موريللو بأحد عشر عاماً، تقول إن الطيور التي طارت داخل الكاتدرائية حاولت أن تحط على الزنابق المرسومة في الصورة، وراحت تنقر الفاكهة (٤٢).
ومع أن مواضيعه كانت جلها دينية، فإنه جعلها إنسانية أكثر منها كنسية. وإذا كانت أوربا الكاثوليكية الرومانية كلها قد أحبت النسخ الكثيرة التي أذاعها نقلاً عن لوحته "حمل العذراء غير المدنس"(٤٣)" فما كان ذلك لمجرد أنها احتفلت بموضوع محبب جداً لأسبانيا ولذلك الجيل، بل لأنها توجت الأنوثة في سحابة من المثالية والقداسة. وقد استوحى الفنان نساء الأندلس الفاتنات ذوات الحس الجنسي المتواضع ليرسم صورة عذراء الصلوات (٤٤ (والعذراء الغجرية، وصورة "العائلة المقدسة والطائر" ذات الجمال الأسمر (٤٥).
ومن رسم الأطفال خيراً منه؟ ان صورة "البشارة" المحفوظة بالبرادو تطالعنا فيها صبية دخلت سن المراهقة، فيها خفر ورقة، آية الحياة ذاتها. وقد وجد موريللو نماذج للأشكال الكثيرة التي صور بها المسيح طفلاً في الأطفال الحسان الوجوه الذين أحاطوا به في بيته وشارعه، ولعله استمتع بهم هم أكثر من استمتاعه بالموضوع المقرر، ورسمهم في صورة لا تقل فتنة عن أي صور للأطفال رسمت أيام النهضة الإيطالية. وكان إذا عجز عن حشر الأطفال في لوحاته الدينية يرسمهم فرادي. وفي "بيت الفن" بميونيح حائط حافل بهم: صبيان يرمون النرد، وغلمان يأكلون الشمام لأنه طريقة محتملة لغسل وجوههم، وصبي يمضغ الخبز بينما تفلي أمه شعره. وصورة "الصبي المطل من نافذة (٤٧) " تبين بوضوح