أما برتولومي استيبان موريللو فرجل مختلف تماما- متواضع، دمث الخلق، تقي، معبود تلاميذه، ومحبوب منافسيه، ومعين للبر بالناس شهدت إشبيلية مولده عام ١٦١٧ وهي يومها قصبة الفن الأسباني، وكان آخر أربعة عشر طفلاً. ودرس التصوير على خوان دي كاستيللو، ولكن موت أبويه فقيرين وهو بعد في الرابعة عشرة اضطر الصبي اليتيم إلى كسب قوته برسم صور فجة سريعة لسوق أسبوعية. وإذ سمع أن فليب الرابع عطوف على الفنانين اتخذ سمته الى مدريد (؟) حيث صادقه فيلاسكويز- في رواية غير مؤكدة (٣٨) وأسكنه منزله، وحصل له على إذن بدخول قاعات الفن الملكية، وشجعه على دراسة أعمال ريبيرا، وفان ديك، وفيلاسكويز.
على أننا نلقاه في إشبيلية ثانية عام ١٦٤٥. ذلك أن دير فرانسيسكانيا بها عرض أجراً غير مغر نظير رسم سبع صور كبيرة، واحتقر الفنانون الراسخون هذا الأجر، ولكن موريللو رضى به، وأنتج أول روائعه "مطبخ الملائكة"(٣٩)، وفيها يبدو الملائكة قادمين من السماء يحملون الطعام ويطهونه ويمدون الموائد ويطعمون الصالحين في مجاعة، ومع أن موريللو حاول أن يتأثر بالاسلوب الفحل الذي جرى عليه ريبيرا وثورباران، إلا انه روى القصة متأثراً بميله للعاطفة الرقيقة. هذه الصورة، هي وصورة "موت القديسة كلارا (٤٠) " صنعتا شهرة الفنان، وأقبل نصف مثقفي إشبيلية ليعجبوا، ثم تكاثر عليه الطلب. وكان أكثر ما طلب إليه صوراً كنيسة، فتدفقت من ريشته صور العذراء، والعائلة المقدسة، والقديسين في وفرة موفقة، وأغنت الأساطير المسيحية بالجميل من النساء، والوسيم من الرجال، والظريف من الأطفال، وبالألوان الوردية والجو الصوفي حتى انعطفت نحوه أوربا لأنه أحب العارضين لأحب العقائد إلى نفوس الناس.
وإذ وجد موريللو رزقه على هذا النحو، فإنه غامر بالزواج وهو في