مركزة السلطة في دولة موحدة. ولا بد أنهم سمعوا بأمراء الاقاليم الألمان الذين استطاعوا بتحالفهم مع البروتستنتية أن يتحدوا الأباطرة والبابوات، والذين أثروا من غنائم الكنيسة، إذن فما الذي يحول دون استخدام هؤلاء الهيجونوت البواسل أداة جاء أوانها لتهذيب الملك واخضاعه؟ لقد كان النبلاء يهيمنون على حقول فرنسا ومحاصيلها وفلاحيها، وينظمون فرقها العسكرية ويقودونها، ويسيطرون على حصونها، ويحكمون أقاليمها، فلو أن حركة الاصلاح كسبت طبقة النبلاء لدعمت ظهرها بقوة منتشرة في الأمة كلها. وقد نبه كردينال اللورين هنري الثاني عام ١٥٥٣ إلى أن النبلاء ينحازون إلى صف الهيجونوت. فلم يحل عام ١٥٥٩ حتى كان النبلاء في نورمانديا، وبريتني، وبواتو، وأنجو، ومين، وسانتونج، يتزعمون ثورة الهيجونوت علانية.
لم تغتفر أسر البوريون المعتزة بنفسها لأسرة فالوا الحاكمة أنها دفعت شارل دوق بوربون إلى الخيانة والموت قبل الأوان (١٥٢٧)، ولا استطابوا إقصاءهم عن الحكم على يد آل جيز المتعصبين لقومهم، والذين اعتبروهم أغراباً أصلهم من اللورين الذي كان ألمانياً أكثر منه فرنسياً. لقد كان لويس الأول البوربوني، أمير كونديه، سليلا للملك لويس التاسع، يجري في عروقه الدم الملكي، وتسمو مرتبته فوق مرتبة الأخوين جيز، وقد انضم إلى الهيجونوت، ومات في محاولته الوصول إلى السلطة على جناح عقيدتهم. أما أخوه انطوان البوربوني، ملك نافار لقبا-والذي لا يحكم فعلاً غير إقليم بيارن في جنوب فرنسا الغربي-فقد انحاز حيناً إلى صف الهيجونوت، متأثراً إلى حد كبير برأي زوجته جان دالبير. وكانت جان الابنة المناضلة لأم رقيقة هي مارجريت النافارية، التي احتفظت في الظاهر بكثلكتها إحتراماً لأخيها فرنسيس الأول، ولكنها بسطت حمايتها على كثيرين من المهرطقين والهيجونوت … وكما أن الأم مثلت النهضة في حبها للحياة والشعر، فكذلك مثلت جان دور النساء في الإصلاح البروتستنتي الفرنسي