فجيعة، لأنها عمرت بعد موت زوجها وثلاثة من أبنائها الملوك واحداً بعد الآخر وسواء كانت ملكة أو ملكة أماً؛ فقد احتملت صروف عهود ملكة أربعة وسلختها بفضل ما أوتيت من حصافة وضبط للنفس ونفاق لا يتقيد بمبادئ الشرف.
وصفها معاصر بأنها «امرأة جميلة حين يتوارى وجهها خلف القناع»(١٤) أي أن لها قواماً جميلا، ويؤكد لنا برانتوم أن صدرها «أبيض ممتلئ» وأن «فخذاها غاية في الجمال» وأن يديها وأناملها بديعة (١٥). ولكن قسماتها كانت خشنة، وعينيها أكبر وشفتيها أغلظ وفمها أوسع مما ينبغي. فإذا كانت قد أغوت الرجال فإنما عن طريق غيرها من النساء. وقد أرجفت الشائعات بأنها احتفظت من حولها بـ «سرب طائر» من الحسان اللاتي يغرين الرجال بتحقيق مآربها (١٦)، ولكن يبدو أن هذه التهمة باطلة (١٧)، فقد جرح كرامتها تسلط ديان في السياسة والحي معا، ومن ثم وجدت بعد موت هنري ثأرها بأن جعلت نفسها القوة الكامنة وراء العرش مدى ثلاثين عاماً، وكان لزاماً ان يعوض دهاؤها عن عجز أبنائها، لقد كرهوا تدخلها، ولكن اخفاقهم في الملك فرض هذا التدخل. وإذ ألقيت في دوامة الثورة الدينية، وأحاط بها الأشراف المغامرون واكتنفها الدجماطيات المتعصبة، فقد حاربت بالأسلحة الوحيدة التي تملكها -وهي المال المديتشي والفطنة الإيطالية، والدبلوماسية المكيافللية. لقد أهدى مكيافللي كتابه «الأمير» لأبيها من قبل، ولم تكن كاترين في حاجة لتعليمه، لأنها رأت مبادئه مطبقة في كل مكان من إيطاليا وفرنسا. وقد بزت جميع رجال الدولة الملتفين حولها كما فعلت اليزابث ملكة إنجلترا، وفاقتهم في الكذب، و «كان لديها من الخدع أكثر مما لدى جميع مستشاري الملك (١٨)». وقد صرفت شئون الدولة بهمة وكفاية. قال مراقب إيطالي «لم يكن ليتم شئ دون علمها، وقل أن وجدت متسعاً لتناول طعامها (١٩)» -مع أنها بطريقة ما أصبحت بدينة. أما أخلاقياتها الشخصية فقد سمت فوق جيلها، إذ