يبدو أنها كانت مخلصة لزوجها غير المخلص، وفية لذكراه، لبست الحداد عليه حتى نهاية حياتها. وقد ترفق في الحكم عليها أعظم خلفائها هنري الرابع فقال: -
«أسألكم ماذا كان في استطاعة امرأة أن تفعل بعد أن تركها موت زوجها بخمسة أطفال صغار على ذراعيها، وأسرتين في فرنسا تفكران في انتزاع التاج-أسرتا (البوربون) وأسرة جيز؟ ألم تكن مكرهة على أن تلعب أدوارا غريبة، لتخدع الواحد أولا ثم تثني الآخر، حتى تحمي أبناءها كما حمتهم، وتيسر لهم أن يملكوا الواحد بعد الآخر بفضل السياسة الحكيمة التي اتبعتها هذه الأم الداهية؟ أنه ليدهشني إنها لم تتصرف قط على نحو أسوأ مما فعلت (٢٠)».
ولعلنا نرتضي هذا الحكم تقديراً منصفاً لمسلك كاترين قبل عام ١٥٧٠. فقد ضربت هذه الأسر والقوى المنافسة التي أحاطت بها بعض ببعض. وكتبت تقول: «أنني بمشيئة الله لن اسمح لنفسي بأن يتحكم فيها هذا الفريق أو ذاك، لأنني أيقنت للأسف أنهم جميعاً يحبون الله، والملك، وأياي، أقل مما يحبون مكاسبهم … وإشباع أطماعهم (٢١)». كان فيها من خلق إيطالي النهضة ما زهدها في صرامة الهيجونت الجبرية، ثم إنها كانت تطلب قرضاً من الكنيسة لتحول دون إفلاس الدولة (٢٢). ومع ذلك ففي سبيل فرنسا كانت على استعداد لتزوج ابنتها مارجريت لهنري نافار الهيجونوتي، وابنها هنري لاليزابث المحرومة من الكنيسة. ونظرت إلى الموقف في صورته الأسرية والسياسية لا الدينية أو الاقتصادية. وكان عليها أن تحمي وطنها المقسم من تحالف أسبانيا والنمسا الهابسبورجي. وكانت معاهدة كاتو-كامبريزي قد تركت القوة الأسبانية متفوقة في فلاندر، ومتعدية تعدياً خطيراً على شمال فرنسا الشرقي. وقد تشتعل الحرب القديمة بين أسرتي فالوا وهابسبورج من جديد في أية لحظة، وعندها تحتاج فرنسا