على فرنسا. ومال كثير من النبلاء إلى هنري بوصفه القائد الحربي الكفيل بكبح جماح فليب، والحاكم الرحيم الذي يستطيع أن يرد العافية إلى وطن استشرت فيه الفوضى حتى كادت تمزق أوصاله. وأعربت مجلة ذكية تدعى «سانتير منيبيه»(١٥٩٣ - ٩٤) عن عواطف جماعة «السياسيين» والبورجوازيين، وسخرت في ظرف وتهكم اليسوعيين والحلف، وأعلنت أنه «ما من سلام بلغ من الظلم ما يجعله لا يرجح أكثر الحروب عدلاً (١٨)». وطلب الجميع السلام في شوق، حتى باريس المتعصبة. واستمرت الاشتباكات الصغيرة ثمانية شهور أخرى، ولكن في ٢٢ مارس ١٥٩٤، زحف هنري إلى باريس ودخلها ولم يكد أحد يعترضه، وعظم ترحيب الجماهير به حتى أنه أراد أن يدخل نوتردام لم يكن بد من رفعه فوق الرؤوس. وثبت ملكاً في ذلك اللوفر ذاته، الذي كان فيه قبل اثنين وعشرين عاماً سجيناً قاب قوسين من الموت، واستسلم للبهجة والفرح، فأصدر بطريقته المرحة، عفواً عاماً شمل حتى آل جيز وحكومة الستة عشر. وأكتسب بعض أعدائه بالغفران عنهم دون تردد وبالمجاملة السمحة الكيسة ورشا البعض بمال اقترضه.
على أنه لم يكسب الجميع إلى صفه. ففي ليون اشترى بيير باريير مدية وشحذها ثم شد رحاله إلى باريس معلناً نية اغتيال الملك. فقبض عليه في ميلون وشنق دون إبطاء. وقال هنري «وا أسفاه، لو علمت بالأمر لعفوت عنه.» وأرسل البابا كلمنت الثامن للملك حل الكنيسة، ولكن اليسوعيين واصلوا مهاجمته في مواعظهم. وفي ٢٧ ديسمبر هجم فتى في التاسعة عشرة يدعى جان شاتيل على الملك بخنجر ولكن لم يصبه بأسوأ من قطع في شفته وكسر في سنه. ومرة أخرى رأى هنري العفو عن هذا المتعصب، ولكن رجال السلطة أوقعوا بشاتيل كل أنواع التعذيب التي نص عليها القانون ضد قتلة الملوك. وقد اعترف الرجل في كبرياء برغبته في قتل الملك لأنه زنديق خطر، وأعلن استعداده لبذل محاولة أخرى في