أملاً في أن يكون لهم ملك بروتستنتي. هؤلاء أجابهم هنري بقوله: «لو اتبعت نصيحتكم لما بقى في فرنسا بعد قليل ملك ولا ملكة. أريد أن أمنح السلام لرعاياي والراحة لنفسي. فتشاوروا فيما بينكم ماذا تريدون ضماناً لأمنكم. وأنا على الدوام مستعد لإرضائكم (١٢)». ثم قال «ربما لم تكن شقة الخلاف بين المذهبين واسعة إلا لما بين المبشرين بهما من حقد وعداء. وسأعمل يوماً باستعمال سلطتي على أن يستقيم هذا الأمر كله (١٣). ثم حدد صلب عقيدته بقوله «إن الذين يتبعون ضميرهم دون عوج على ديني، وأنا على دين كل إنسان شجاع طيب (١٤)». وهجر دوبليسي- مورنيه، واجريبا دوبنيه، وكثير من زعماء البروتستنت الآخرين الملك، ولكن الدوق صلى، أصدق مستشاري هنري، الذي ظل بروتستانتيا وفيا، وافق على قرار مولاه «أن باريس تستأهل قداساً (١٥)» (١).
ففي ١٨ مايو ١٥٩٣ أرسل هنري إلى البابا وأكليروس من باريس يبدي رغبته في أن يدرس العقيدة الكاثوليكية. وكان جريجوري الرابع عشر قد جدد حرمه. ولكن الأكليروس الفرنسي الذي لم يذل أبداً لروما تأهب لإعداد التائب الجديد لأن يكون ملكاً تقياً. على أنه لم يكن بالتلميذ السهل القيد. فهو يرفض أي تعهد بأن يشن حرباً على الهرطقة، وهو يأبى أن يوقع أو يؤمن بـ «هراء هو واثق كل الثقة من أن أغلبهم لا يؤمنون به (١٦)»، ولكنه وافق في سماحة على عقيدة المطهر لأنها «أعظم مصادر دخلكم (١٧)». وفي ٢٥ يوليو كتب لخليلته آنذاك «سأقفز القفزة الخطرة» ثم ذهب إلى كنيسة دير سان دنيس، واعترف، ونال الغفران، واستمع إلى القداس.
ورماه الآلاف في المعسكرين بالنفاق. وأنكر اليسوعيون كثلكته وواصل زعماء الحلف مقاومتهم. ولكن موت دوق بارما والكردينال بوربون كان قد أوهن قوة الحلف، وفقدت حكومة الستة عشر منزلها في أعين الوطنيين الفرنسيين لتأييدها خطة فليب الرامية إلى جعل ابنته ملكة