(١٦٠٢). وأدركت فرنسا الآن أن نافار ملك. وسمح له شعب فرنسا الذي أرهقته الفوضى-بل توسلت إليه طبقات رجال الأعمال-أن يجعل ملكية البوربون الجديدة مطلقة السلطان. لقد كانت الاستبدادية الملكية نتيجة للحرب الأهلية في فرنسا بينما كانت في إنجلترا سبباً لها.
وجبى هنري الضرائب لأن حاجة الحكومة الأولى كانت المال. أما مجلس المالية الموجود فقد انبعث منه من نتن الرشوة والفساد قدر أكثر من المألوف. وولى هنري صلى الجريء رئاسة المالية، وأطلق يده في تنقية الهواء واخلاء الطريق بين ما يدفعه الشعب من الضرائب وما يصل منها إلى الخزانة. كان مكسمليان بتون، بارون روزني، دوق صلى، صديق هنري الوفي مدى ربع قرن. قد قاتل جنباً إلى جنب مع هنري خلال أربعة عشر عاماً؛ وهاجم الآن-وهو بعد في السابعة والثلاثين-الموظفين المختلسين عديمي الكفاية بهمة لا تعرف الكلل، حتى أصبح أعظم أعضاء مجلس الملك قيمة وأقلهم شعبية. وصورته التي رسمها له دمونستبيه معروضة في اللوفر، يطالعنا فيها رأس كبير وجبين عريض وعينان مرتبتان حادتان. ها هنا العبقرية العملية التي لا غنى عنها لكبح الروح الرومانسية لملك شغله لعب دور كازانوفا عن لعب دور شارلمان كاملاً. وجعل صلى من نفسه الحارس الرقيب على الإدارة الحكومية. وإذ كان مديراً للمالية والطرق والمواصلات والمباني العامة والتحصينات والمدفعية، ومأموراً للباستيل، ومشرفاً عاماً على باريس، فقد وجد في كل مكان، وأشرف على كل شيء، وأصر على الكفاية والاقتصاد والنزاهة، وقد عكف على العمل خلال كل ساعات يقظته. وعاش عيشة التقشف في حجرة بسيطة على جدرانها صور لوثر وكالفن. ثم رعى مصالح إخوانه الهيجونوت. وثبت العملة، وأعاد تنظيم البيروقراطية وهذبها، وأكره لصوص الموظفين على أن يتقيئوا ما سرقوه. وقد استرد للدولة كل الأملاك والموارد التي تملكها الأفراد خلال الحروب، وألزم ٤٠. ٠٠٠ من المتهربين من الضرائب بدفع