للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا حاجة بنا لأن نعدد غرامياته كلها. على أن ثلاث نساء على الأخص كن معالم طريقه إلى العرش. إنه يكتب الرسائل الغرامية الملتهبة إلى «كوريساند الجميلة» ويقول في إحداها «إني ألتهم يديك … وأقبل قدميك مليون مرة … أنها لبقعة مقفرة حقاً تلك التي نمل فيها وجودنا معاً (٣٢)». ولكن لم يأت عام ١٥٨٩ حتى كان قد ملها، واكتشف استر امبير دبو الامبير. وبعد عام، حين كان في السابعة والثلاثين، ودون أن يعوقه مرض السيلان (٣٣)، وقع في غرام جابرييل دستريه، وكانت يومها فتاة في السابعة عشرة، خلع عليها أحد الشعراء «الشعر الذهبي، وعيون النجوم، ونحر الزنبق، واصابع اللؤلؤ، وثدي المرمر (٣٤)». وصف حبيبها بلجارد في لحظة طيش مفاتنها للملك فعدا هنري بفرسه اثني عشر ميلا وهو متنكر يشق أرض العدو ليراها. وضحكت على أنفه الطويل، ووقع على قدميها، وانسحب بلجارد. واستسلمت هي لسحر المال والملك، وولدت لهنري ثلاثة أطفال. وكان يأخذها لبلاطه وفي رحلات صيده، ويعانقها علناً، ويفكر في الزواج منها إذا ارتضت مارجو طلاقه. وتظافر الوعاظ الهيجونوت والكاثوليك في التنديد به زانياً، ضالاً، ووبخه صلى الشجاع على تبديده أموال الدولة على محظياته. فطلب المغفرة معتذراً بأنه وقد جاهد هذا الجهاد في الحرب وأحكم، وأخفق هذا الاخفاق في الزواج، فإن له ما لكل جندي من الحق في شيء من الترفيه (٣٥)، وأقام على حب جابرييل ثماني سنين غدت بدينة حريصة على الاقتناء. وراحت تدس لصلى، وتدعوه «التابع»، وقال لها هنري في غيظه إن وزيراً مثله أثمن في نظره من عشر محظيات مثلها. ثم لان وعاد إلى حديث الزواج منها، ولكنها ماتت في ١٠ أبريل ١٥٩٩ وهي تلد طفلاً ميتا. وبكاها بكاءً مريراً وكتب يقول: «لقد ماتت نبتة الحب التي في باطني (٣٦)».