مديتشي معها الأدب الإيطالي، واحساساً بالجمال، وولعاً بالأناقة، ورهافة في الأثاث والملبس. وكان من رأي برنتوم أن بلاطها أروع بلاط وجد، «فردوس أرضي حقيقي» يتألق بثلاثمائة سيدة وآنسة على الأقل» (١٢) مرتديات أغلى الثياب وأفخرها. وأزاحت مراسم البلاط الفرنسي التي أرساها فرنسيس الأول لمراسيم الإيطالية من مكان الصدارة والقدوة لأوربا. وأنشأ هنري الثالث منصب المدير الأكبر للمراسم الفرنسية، وأصدر مرسوماً يفصل مراسم السلوك في البلاط وبرتوكوله، ويحدد الأشخاص الذين يسمح بمثولهم بين يدي الملك، وطريقة مخاطبته، وخدمته في يقظته وزينته، وطعامه، ونومه، ومن يرافقه في نزهته أو صيده، ومن يحضر مراقص البلاط. وقد أصر هنري الثالث، الخجول النيِّق، على هذه القواعد، وانتهكها هنري الرابع في غير تحرج، وتجاهلها لويس الثالث عشر، وتوسع فيها لويس الرابع عشر حتى أصبحت طقوساً تنافس القداس المطول.
أما ملابس القصر فقد ازدادت غلاء وزخرفاً. فقد ارتدى المرشال باسومبيير سترة قماشها من الذهب أثقلتها لآليء تزن خمسين رطلاً وثمنها أربعة عشر الف إيكو (١٣) ولبست ماري مديسي في حفل عماد ولدها عباءة مرصعة بثلاثة آلاف ماسة واثنين وثلاثين ألف حجر كريم آخر (١٤). وكان الرجل من رجال البلاط يعد نفسه فقيراً ما لم يملك خمساً وعشرين سترة من مختلف الطرز. وتعددت القوانين المقيدة للانفاق على الطعام والكساء ولكنها سرعان ما كانت تهمل. فحظر قانون منها أصدره هنري الرابع «على جميع سكان هذه المملكة أن يلبسوا الذهب أو الفضة على ثيابهم، إلا البغايا واللصوص (١٥)». ولكن حتى هذا الربط الذكي كان عديم الجدوى. وشكا الوعاظ من المجازفة المبيتة التي أقدمت عليها السيدات حين لم يسترن ما استدار من أعضائهن إلا بمقدار. ويزعم مونتيني، الذي لم يكن كثير الوقوع في خطيئة خداع النفس بالأوهام، «أن سيداتنا