للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إمكان استخدام الطبق الواحد عدة مرات (١) حتى لقد ضعف الحافز إلى تجميل هذه الآنية الفخارية الهزيلة المؤقتة، التي كانت يد الخزّاف تسرع إلى إنتاجها (٤)؛ أما إن كان الإناء لُيصنع من معدن نفيس، عندئذ ينصرف إليه الفن بمجهوده بغير ندم على ذلك المجهود مهما بلغ، فانظر إلى الإناء الفضي الذي يُنسب إلى "تانجور" في معهد فكتوريا في مِدْرَاس، أو انظر إلى صفحة "بِتلْ" الذهبية التي تنسب إلى "كاندي" (٥)؛ أما النحاس الأصفر فقد صنعوا منه مجموعة منوعة لا تنتهي أصنافها من المصابيح والأوعية والأواني؛ وكانوا يحصلون على مزيج أسود من الزنك (يسمونه بدري) ويستخدمونه عادة في صناعة الصناديق والأحواض و "الصواني"؛ كذلك كانوا يطعّمون معدناً بمعدن آخر، تطعيماً بارزاً أو محفوراً، أو كانوا يطلون معدناً ما بطلاء من الفضة والذهب (٦).

وكان الخشب ينقش بحفر صور كثيرة جداً من النبات والحيوان، وأما العاج فيصوغونه ليمثل أي شيء بادئين بالآلهة فهابطين إلى زهرات اللعب، كما كانوا يطعّمون به الأبواب وغيرها من مصنوعات الخشب، ويصنعون منه آنية صغيرة لطيفة لحفظ الدهون والعطور؛ وكثرت عندهم أدوات الزينة، يلبسها الأغنياء والفقراء إما للتزين أو للادخار؛ وامتازت "جايبور" في طلي مسطحات الذهب بألوان الميناء؛ وعرف صائغوها بحسن الذوق في صناعة المشابك والخرزات والعقود والمدى والأمشاط، فكانوا يزخرفونها بصور الأزهار أو الحيوان أو موضوعات الدين؛ فهنالك عقد برهمي نقشت في واسطته الصغيرة خمسون صورة من صور الآلهة (٧)؛ ونسجوا الأقمشة ببراعة فنية لم يبزهم فيها أحد من اللاحقين؛ فمنذ عهد قيصر إلى يومنا هذا، امتدح العالم كله دقة الصناعة في المنسوجات الهندية (٢) فقد كانوا أحياناً يصبغون


(١) انظر القسم الرابع من الفصل الرابع من هذا الجزء.
(٢) ربما كانت الهند أول بلد طبع على المنسوجات زخارف بواسطة ضربها بقوالب كالأختام، ولو أن الهنود لم يطوّروا هذه الطريقة في بلادهم بحيث يستخدمونها في طباعة الكتب.