خطيبها، وتندد بروما وبناموس شرفها وحربها. فيقتلها وهو بعد سكران بنشوة المعركة لأنها ليست جديرة بأن تكون رومانية. وتوبخه زوجته سابينا على قسوته، وتبكي أشقاءها القتلى، وتدعو أوراس ليقتلها هي أيضاً. أما هو فيحاول اقناعها بأن الوطنية أسمى من الحب.
وفكرة التمثيلية بالطبع لا تصدق، ولكنها في هذا لا تزيد عما في شيكسبير. إن الدرامي بحكم تعريفه شاذ؛ والمسرحية مقضى عليها، هي وصفت الواقع في غير تحيز. وهي ترتفع إلى مقام الفن إذا استطاعت بتجاهلها ما ليس متصلاً بموضوعها واختيارها للمهم أن تزيدنا عمقاً بفهم أكمل للحياة. لقد ورث كوريني تمجيد النهضة لروما القديمة، وأيد المفهوم الصارم للواجب أمام انحلالات الحب التي سيطرت على المسرح الفرنسي قبله، فصمم ألا يكون أبطاله عشاقاً أولا، بل وطنيين أو قديسيين.
وقد اختار من التقويم الكاثوليكي قديساً يسيطر على تمثيلية أقوى حتى من هذه. يقول سانت-بوف:«كل الناس يعرفون «بوليوكت»، ويعرفونها عن ظهر قلب (١٣٨)». والبناء في هذه التمثيلية كلاسيكي على نحو صارم، إذ يتقبل الوحدات كلها، ولكنه يبني داخلها مأساة معقدة ذات قوة مركزة. ولا يصلنا اليوم سوى فصاحة التمثيلية في مكاتبنا، ولكن يجب أن نسمعها منطلقة من افواه الممثلين الفرنسيين يتحركون في جلال على خشبة المسرح، أو تحت النجوم في فناء الانفاليد أو اللوفر، وحتى مع توافر هذه الشروط يجب أن نملك ناصية الفرنسية وتكون لنا أرواح فرنسية. ويجب أن نكسو أنفسنا من جديد بإيماننا الشاب. أما الحبكة فتدور حول تصميم بوليوكت، الروماني المثقف، المعتز بنفسه، حديث العهد باعتناق المسيحية، على تحطيم مذبح الآلهة الوثنية. أما زمن التمثيلية فهو الاضطهاد الديني (٢٤٩ - ٥١م)، وأما مكانها فمليتين، وهي مخفر أمامي روماني في أرمينيا، ومشهد الدراما كلها قصر فيلكس الوالي الروماني. وقد دعي المسيحيون جميعاً، منذرين بالموت عقابا للمخالفين،