أن يشتركوا في صلاة تنتظم الإمبراطورية بأسرها وقربان للآلهة القديمة طلبا لتأييدها للجيوش الرومانية ضد الهمج المغيرين المحدقين بها. ويشتعل بوليوكت بغيرة المؤمن المهتدي، فيبغي بعمل مثير أن يشجع المسيحيين على مقاومة الأمر الإمبراطوري. ويعوقه عن هذا حبه لزوجته بوليني، ابنة الوالي، ولكنه يضحي بالحب في سبيل الواجب كما يفعل أبطال موريني الصادقون. وفي حضرة فيلكس ذاته يقطع وهو صديق له الطقوس الوثنية، ثم يناشدان العابدين أن ينصرفوا عن جوبيتر الفاجر إلى إله المسيحيين، «الملك الواحد القهار للأرض والسماء»، ولكي يفضحا «المسوخ العاجزة» التي يتألف منها مجمع الآلهة الروماني يرتقيان المذبح ويحطمان آنية الشعائر وتمثال جوبيتر، ويأمر فيلكس بالقبض على منتهكي هذه المقدسات. وتتوسل بولين إلى بوليوكت أن يتوب عن تدنيسه المعبد، ولكنه يدعوها بدلاً من ذلك إلى اعتناق دينه الجديد. وتناشد بولين أباها أن يعفو عنه فيأبى، وتجهر هي باعتناقها المسيحية وتستعد لمرافقة زوجها إلى الموت. ويتأثر فيلكس تأثراً يحمله على اعتزال منصبه واعتناق المسيحية. ثم ينتهي الاضطهاد فجأة، ويرد فيلكس إلى منصبه، ولكن بوليوكت قاسى أثناء ذلك عذاب الاستشهاد.
وكل ما في التمثيلية تحلية للتاريخ من قلم كوريني، فيما عدا الاستشهاد وتدنيس المذبح، كذلك هو خالق وقاحة القديس المتعالية وعنف الفعل، وحين قرأ المؤلف التمثيلية في الأوتيل درامبوييه، أدان عدد من السامعين، ومنهم أحد الأساقفة، بوليوكت لخشونته وتطرفه في غير ضرورة. وفكر كوريني حيناً في وقف التمثيلية، ولكن نجاحها على المسرح رفعه إلى أوج حياته الأدبية (١٦٤٣). وبقى له في أجله آنذاك واحد وأربعون عاماً سنرى أنه أنفقها في منافسة مع راسين، ولكنه لم يؤت العلم بأنه قد كتب أعظم أعماله في هذه المسرحيات الثلاث-بل يرى البعض أنها افضل المسرحيات في تاريخ المسرح الفرنسي كله. وهي تختلف عن الدراما