زينت من جديد بواجهات من طراز النهضة. وقد نلحظ في الكنائس الجديدة طرازاً إيطالياً جديداً يعملها كلها؛ وهكذا صمم جاك لوميرسييه كنيسة السوربون على غرار كاتدرائية القديس بطرس - أعمدة، وقواصر، وقبة. ففي العمارة، كما في الأخلاق، والأدب، والفلسفة، أضفى الإحياء الوثني على المسيحية وجهاً جديداً جريئاً.
وطوى تيار النهضة الكل حتى اليسوعيين، وكانوا أسرع استجابة له لأنهم وهم طائفة دينية لم تقيدهم جذور من العصر الوسيط. ففي أجيالهم الأولى حين تزعمهم لويولا ولينيز، كانوا مبشرين صارمين لا يخشون أحداً، ومنافحين مخلصين عن المعتقد السليم والبابوات، ولكنهم استبقوا قدراً من النزعة الكلاسيكية في مجمع ترنت، وكما جعلوا الدراسات الكلاسيكية لب برامج التعليم في كلياتهم، كذلك اختاروا في العمارة الواجهات الشبيهة بالكلاسيكية لأهم معابدهم. ومن كنيستهم الرائعة في روما، «كنيسة يسوع»، حملوا طراز الزخرف الفاخر عبر الألب وفوق البرانس. على أنهم لم يكونوا ملتزمين بدرجة متماثلة بالزخرفة الفياضة. من ذلك أن أشهر معماريهم - الذي شيد واجهة جناح كاتدرائية أورليان - صمم كنائس وكليات متوخياً البساطة الشديدة التي تناسب خلقه وما تحت يده من مال. ولكن حين أثرت الطائفة بنت في وفرة بهيجة. ففي عام ١٦٢٧ بدأت بناء الكنيسة الجميلة التي تعرفها باريس عادة بإسم «الجزويت» - وواجهتها رومانية، وداخلها مزين زينة أنيقة بالتيجان والأقواس والكرانيش، وأقبية الخورس تلتقي في انسجام لتدعيم قبة مضيئة؛ وقد وصف جول افلين الذي كان يجوب باريس عام ١٦٤٤ هذه الكنيسة بأنها «من أكمل قطع العمارة في أوربا (١٣٩)». إنها لم تكن باروكا على نحو منفر، ولم تحتو على أي شيء مشوه أو غريب. فالباروك في فرنسا رصّنه الذوق الأرستقراطي-تماماً كما هذّب زونزار وماليرب قباحات رابليه.