الكهول أو الشيوخ، قد اتصلت بزوجات كثيرة حتى أن هؤلاء ليجهلون أبناءهم المنتشرين في أرجاء إقليمهم"؛ "إنهم يسخرون من الأوروبيين لاكتفاء الرجل منهم بزوجة واحدة مدى حياته، وهم يرون أن "الروح الطيبة" قد زاوجت بين الزوجين ليكونا سعيدين، فلا ينبغي أن يظلا معاً إلا إذا تلاءمت فيهما الاتجاهات والميول"؛ لهذا ترى الرجال من قبيلة "تشروكي" يبدلون الزوجة ثلاث مرات أو أربعاً كل عام، وأما أهل "ساموا" فيبقون على زوجاتهم ثلاث أعوام لأنهم يميلون إلى المحافظة؛ لكن لما جاءت الزراعة بما تقتضيه من حياة مستقرة، أمتدَ أمد الروابط الزوجية؛ ففي ظل النظام الأبوي للأسرة، كان الطلاق عملية لا تتفق وقواعد الاقتصاد في رأي الرجل، لأن طلاق الزوجة معناه في حقيقة الأمر تفريط في أمةٍ تعود على سيدها بالربح ولما أصبحت الأسرة هي نواة الإنتاج في المجتمع، تحرث الأرض وترعاها بالتعاون، ازدادت ثراء كلما ازدادت نفراً وتماسكا، على فرض المساواة في سائر الظروف بينها وبينما هو أصغر منها من الأسر؛ وتبين للناس ما هو في صالح المجتمع من أن الرابطة الزوجية ينبغي أن تدوم بين الزوجين حتى يفرغا من تربية أصغر الأبناء؛ ولكنهما إذا ما بقيا معاً حتى هذه السن، لم يعد لديهما من نشاط الحياة ما يدفعهما إلى حب جديد. وتصبح حياة الزوجين كأنها نفس واحدة لما اشتركا فيه معاً من عمل وصعاب؛ ولم يعد الطلاق إلى اتساع نطاقه من جديد، إلا بعد انتقال الإنسان إلى الصناعة في المدن، وما تبع ذلك من خفضٍ لعدد أفراد الأسرة وقلة في خطرها.
ويمكن القول بصفة عامة أن الرجال خلال عصور التاريخ كلها أحبوا كثرة الأطفال؛ ولذا جعلوا الأمومة مقدسة؛ بينما النساء اللاتي يقاسينَ مرارة النسل، قد اضطربت في أنفسهنَ ثورة خفية على هذا التكليف الثقيل، فاستخدمنَ ما لا عدد له من الوسائل ليتخففنَ من أعباء الأمومة؛ فالرجال البدائيون