للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو لم تخلف لنا فرنسا أي نحت أو عمارة أو تصوير لحق لها برغم هذا أن تحوز احترامنا وحبنا لما أنجزته في ميدان الفنون الصغيرة. فحتى في هذه الفترة المضطربة بين حكم فرنسيس الأول وحكم لويس الرابع عشر، نافست فرنسا-بل فاقت في رأي البعض- إنتاج معاصريها من فلاندر إلى إيطاليا، سواء في الرسوم، أو المحفورات، أو أشغال المينا، أو الصياغة، أو قطع الأحجار الكريمة، أو مشغولات الحديد أو الخشب، أو المنسوجات، أو السجاد المرسوم، أو تصميم الحدائق. فرسوم جاك كاللو للغجر، والشحاذين، والمتشردين، تحمل معها ريح الحياة ذاته؛ أما سلسلة كلشيهات «آلام الحرب» فقد سبقت جوبا بقرنين. وحسبنا حكماً على براعة أشغال الحديد في ذلك العصر حاجز القضبان المؤدي إلى قاعة أبوللو في اللوفر. أما السجاد المرسوم فكان صنعه فنا لا يقل أهمية عن النحت أو التصوير. كان جان جوبلان قد افتتح مصانع للصباغة بباريس في القرن الخامس عشر؛ وفي القرن السادس عشر اضافت المؤسسة مصنعاً للسجاد المرسوم، وأنشأ فرنسيس الأول مصنعا آخر في فونتنبلو، وهنري الثاني مصنعاً ثالثاً في العاصمة. وحين ذهبت كاترين دي مديتشي للقاء المبعوثين السبان في بايون أخذت معها اثنتين وعشرين سجادة نسجت لفرنسيس الأول لتعرض ثراء فرنسا وفنها. ثم اضمحلت هذه الصناعة التي جمعت بين الحرفة والفن في عهد هنري الثاني، ولكن هنري الرابع أصلح من شأنها بجلب جيل جديد من الرسامين والصباغين والنساجين الفلمنكيين لمصنع جوبلان في باريس. وهناك خمسة نماذج ممتازة ترجع إلى عهده-موضوعها صيد ديانا-تزين مكتبة مورجان بنيويورك.

وأحست الزخرفة الداخلية تأثير البارك يتسرب إليها من إيطاليا. فتفشت الكراسي، والموائد، والصناديق، والبوفيهات، والدواليب، ومناضد الزينة، والسرر-ونقشت في بذخ، ورصعت في كثير من الحالات بالأبنوس او اللازورد أو اليشب أو العقيق، أو زينت بالتماثيل