للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصغيرة. وفي عهد لويس الثالث عشر نجد الكثير من المقاعد بالمخمل، أو أشغال الابرة، أو النسيج المرسوم. وقد تنقش الجدران والكرانيش والأسقف أو ترسم بمهرجان من صور النبات والحيوان. وفقدت المدافئ بعض صرامة العصر الوسيط، وحليت أحياناً بنقوش عربية في ألوان متعددة.

أما في الزخرف فكان العصر قمة فن رجلين عجوزين: ليونار ليموزان، الذي استمر حتى عام ١٥٧٤ ينتج أشغال المينا أذاعت شهرته أيام فرنسيس الأول (١)، ثم برنار باليسي الذي ولد عام ١٥١٠ وعمر حتى عام ١٥٨٩. وكان باليسي مجنوناً بالخزف، فيه فضول قوي ينتظم ميادين الزراعة والكيمياء والدين، وله ولع بكل شئ من تكون الأحجار إلى طبيعة الإله. درس كيمياء أنواع التربة المختلفة ليحصل على أفضل الطفل لقمينته، وأجرى تجاربه سنين عديدة لينتج مينا بيضاء تتقبل الألوان الرقيقة وتحتفظ بها. وأحرق نصف متاعه وقوداً لفرن حرارياته، وقد روى القصة وكأنه يتحدى تشلليني. وكان يقوم بالعمل كله بنفسه لأن فقره أعجزه عن أن يستأجر من يساعده، وكثيراً ما كانت يداه تمتلئان بالقطوع حتى قال «كنت أضطر لأكل حسائي ويداي مربوطتان بأسمال». وبعد أن مضيت في مثل هذا عشر سنوات نحل جسمي حتى لم يبد على ذراعي وساقي أي عضلات، وبلغ النحول بساقي مبلغاً استحال معه علي رباط جواربي أن يثبت فوقها … فإذا مشيت سقطت جواربي على حذائي البالي (١٤١)». واتهمه جيرانه بأنه يمارس السحر ويهمل أسرته. وأخيراً، وحوالي عام ١٥٥٠، وجد المزيج الذي ينشده، وصنع مينا من طلاء متقزح اللون، واستعملها في تشكيل الآنية والتماثيل الصغيرة المزينة تزييناً بديعاً بالسمك، والسلاحف، والأفاعي، والحشرات، والطيور، والأحجار-كل غنى الطبيعة الوافر. وأبهج كاترين دي مديتشي أن تضع هذه المتحفرات الصناعية في حديقتها وأحواض أزهارها، ووهبت الخزاف


(١) لاحظ النماذج البديعة المحفوظة في مجموعة والاس بلندن ومجموعة فريك بنيويورك.