للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخيرهاً مولوها. وحتى رجال الدين الكاثوليك الذين خشوا انهيار الاقتصاد الوطني، انقلبوا على ألفا، وحذروا الملك فيليب من أن الدوق يعمل على تخريب البلاد (٢٥)، بل أن البابا-بيوس الخامس الذي كان قد اغتبط أيما اغتباطاً بانتصارات ألفا، نراه الآن يشاطر الكاردينال دي جرانفل أسفه لقساوة ألفا (٢٦). ويوصي بالعفو العام عن العصاة والهراطقة النادمين التائبين-ووافق فيليب على هذا الإجراء وأبلغ به ألفا (فبراير ١٥٦٩)، ولكن الدوق طلب التمهل، ولم يعلن العفو إلا في ١٦ يوليه ١٥٧٠ .. وفي تلك السنة خلع البابا على ألفا القبعة والسيف المقدسين، وأنعم "بالوردة الذهبية" على زوجته (٢٧)، كما أعدم فيليب مونتيني الذي كان سجيناً- (١٦ أكتوبر ١٥٧٠).

وفي نفس الوقت ظهرت على المسرح قوة جديدة. وذلك أنه في مارس ١٥٦٨ قامت من اليائسين المستميتين عرفوا باسم "المتسولين المتطرفين"، وجهوا همهم إلى نهب الكنائس والأديار وقطع أنوف القساوسة والرهبان أو آذانهم، وكأنهم عقدوا العزم على مباراة "مجلس الدم، وفي وحشيته وفظاعته (٢٨). وفيما بين عامي ١٥٦٩ - ١٥٧٢ ظهرت جماعة أخرى أطلقوا على أنفسهم اسم "متسولي البحر"، وضعوا أيديهم على ١٨ سفينة، وتلقوا عمولة من وليم أورانج، وأغاروا على شواطئ الأراضي الوطيئة، ونهبوا الكنائس والأديار، وسيطروا على المراكب الأسبانية، وزودوها ثانية بالمؤن من الثغور الإنجليزية الصديقة-بل حتى من لاروشيل النائية-التي كانت في يد الهيجونوت آنذاك. وأغار "متسولو البحر على أية مدينة ساحلية لا توجد بها حامية أسبانية، واستولوا على المواقع الحصينة، وبفضل قدرتهم على فتح السدود بات من أخطر الأمور على القوات الأسبانية أن تقترب منهم أو تصل إليهم. فلم يعد في مقدور ألفا أن يتلقى أية امدادات أو مؤن من البحر وهكذا صارت المدن الرئيسية في هولندا وزيلند وجلدرلند وفريزلند آمنة محمية،