بألوان الطعام، فأكل الجنود وشربوا ثم اعملوا القتل في كل الأهالي في المدينة وتقدموا إلى هارلم، وهي مركز كلفني أبدى حماساً خاصاً للثورة. وقد دافعت حامية قوامها أربعة آلاف رجل عن المدينة دفاعاً مجيداً، إلى حد أن دوق فدريجو اقترح الانسحاب منها، ولكن ألفا هدد بأن يتبرأ منه إذا لم يستمر في الحصار، فتصاعدت أعمال العنف، وعلق كل من الطرفين أسراه على أعواد المشانق في مواجهة عدوه. وأثار المدافعون حنق المحاصرين بأن مثلوا على الأسوار الطقوس الكاثوليكية بطريقة تدعو إلى السخرية والضحك. وأرسل وليم ثلاثة آلاف جندي لمهاجمة جيش دوق فدريجو، ولكنهم أبيدوا وأخفقت كل محاولة لتخليص هارلم بعد ذلك. وفي ١١ يولية ١٥٧٣، بعد حصار دام سبعة أشهر اقتات فيها الناس على الأعشاب والجلود، استسلمت المدينة. ولم يبق على قيد الحياة سوى ١٦٠٠ رجل أعدم معظمهم. كما أعدم ٤٠٠ من المواطنين المتزعمون، أما بقية الأهالي فقد على حياتهم بعد موافقتهم على دفع غرامة قدرها مائتان وخمسون ألف جلدر.
وكان هذا آخر انتصارات حكومة دوق ألفا وأبهظها تكلفة. وهلك أكثر من اثني عشر ألفا من أفراد الجيش الذي تولى الحصار متأثرين بالجراح أو بالمرض. واستنزفت الحرب كل ما حصل من ضرائب بغيضة، واكتشف فيليب الذي كان يعد النقود أكثر مما يحسب حساب الأنفس والأرواح، أن ألفا لم يكن محبوب لدى الناس فحسب، بل أنه كان كذلك ينفق أموالاً طائلة، وأن أساليب قائده كانت تعمل على توحيد الأراضي الوطيئة ضد أسبانيا وأحس دوق ألفا بأن الرياح غير مواتية له، وأن التيار قد انقلب ضده. فطلب تنحيته وتباهى بأنه قتل ١٨ ألف ثائر (٣٤). ولكن الهراطقة كانوا في مثل القوة التي كانوا عليها عندما جاء هو إلى الميدان، بل أكثر من ذلك أنهم سيطروا على الثغور وعلى البحر، وأن الملك فقد مقاطعتي هولندا وزيلندة تماماً. وقدر أسقف نامور أن ألفا في سبع سنين، وألحق من الأذى بالكاثوليكية أكثر مما ألحقه بها لوثر والكلفنية في جيل بأسره (٣٥). وقبلت