كلهم تقريباً كلفنيين متحمسين أبدوا ضد الكاثوليك من ضروب الوحشية والضراوة ما أبدته محاكم التفتيش ومجلس الدم نحو الثوار والهراطقة. وفي كثير من الحالات لم يتركوا للأسرى الكاثوليكية إلا الخيار بين الكلفنية أو الموت، وكانوا يقتلون دون تردد، وفي بعض الأحيان بعد تعذيب لا يصدق، كل من تمسك بأهداب العقيدة القديمة (٣١). وأعدم كل ن طرفي النزاع كثيراً من أسرى الحرب. وكتب مؤرخ بروتستاني يقول:
في أكثر من مناسبة رئي الرجال يشنقون … اخوتهم هم أنفسهم الذين وقعوا أسرى في صفوف الأعداء … ووجد سكان الجزر لذة وحشية في ضروب القسوة هذه، ولم يعد الأسباني في نظرهم فرداً من بني الإنسان. وذات مرة انتزع أحد الجراحين قلب سجين أسباني، وثبته بالمسامير في مقدم السفينة ودعا الأهالي ليغرسوا أسنانهم فيه، وفعل كثير منهم هذا في ارتياح وحشي (٣٢).
أن هؤلاء "المتسولين" القساة القلوب هم الذين هزموا دون ألفا. وأخلد الدوق إلى شيء من الراحة بعد الحملات التي قام بها، وورث أبنه دوق فدريجو ألفارث دي توليدو مهمة استعادة ومعاقبة المدن التي كانت قد أعلنت تأييدها لوليم أو استسلمت له. فبدأ ألفارث بمدينة مكلين التي أبدت أقل مقاومة، حيث خرج القساوسة والأهالي في موكب نادمين، يرجون الصفح والإبقاء على المدينة، ولكن ألفا كان قد أمر بانتقام تكون فيه موعظة وعبرة. فظل جنود فدريجو لمدة أيام ثلاثة ينهبون البيوت والأديار والكنائس، ويسرقون الحلي والأردية الثمينة من التماثيل المقدسة. ويطأون الفطائر المقدسة تحت الأقدام، ويذبحون الرجال ويستحيون النساء، كاثوليك أو بروتستانت على حد سواء وفي طريق تقدمه إلى جلدرلند، تغلب جيشه على الدفاعات الهزلية في زوتفن، وقتل كل رجال المدينة تقريباً. وعلق بعضهم من الأقدام، وأغرق خمسمائة منهم يربطون زوجاً زوجاً، ظهراً لظهر، والإلقاء بهم في نهر ايسل. واستسلمت بلدة ناردن الصغيرة بعد مقاومة قصيرة، وحيت الأسبان الغزاة بموائد زخرت