ودعم المتمردون مرة أخرى من حجج وليم، ذلك أنهم في ٤ نوفمبر ١٥٧٦ استولوا على أنتورب، وأعملوا فيها السلب والنهب، على أسوأ شكل عرفه تاريخ الأراضي الوطيئة. وقاوم المواطنون ولكنهم غلبوا على أمرهم، وقتل منهم سبعة آلاف، وأحرق ألف مبنى كان بعضها من روائع العمارة. وذبح الرجال والنساء والأطفال في طوفان من الدماء بأيدي الجنود وهم يرددون الصيحات:"سان جيمس، أسبانيا، الدم، الموت، النار، السلب، النهب" وطوال تلك الليلة عاث الجنود في المدينة الغنية، وسلبوا كل بيت فيها تقريباً، ورغبة في انتزاع الاعتراف بالذخائر المخبأة، أصيلة أو زائفة، عذبوا الآباء على مرأى من أطفالهم، وذبحوا الصبية وهم في أحضان أمهاتهم، وضربوا الزوجات بالسياط حتى الموت أمام أعين أزواجهن. واستمر هذا العنف "العنف الأسباني" يومين حتى أتخم الجنود بالذهب والحلي والملابس الثمينة، وبدأ الواحد منهم يقامر الآخر بغنائمه في الشوارع المكتظة بجثث الموتى. وفي ٢٨ نوفمبر صدقت الجمعية العمومية على "قانون التهدئة" الذي وضع في غنت.
وكان هذا نصراً مبيناً أحرزه الأمير في الوقت المناسب. وعندما أرسل دون جوان من لكسمبرج يقول أنه على وشك أن يدخل بروكسل، أجابت الجمعية العمومية بأنها لن تستقبله بوصفه حاكماً إلا إذا وافق على "قانون التهدئة" وأعاد امتيازات المقاطعات، وطرد كل القوات الأسبانية من الأراضي الوطيئة. وقضى دون جوان، الباسل في ميدان المعركة، القليل الخبرة بالسياسة والذي أعوزه الرجال والمال، شتاءه متلكئاً في لكسمبرج، ثم وقع في ١٢ فبراير ١٥٧٧ "المرسوم الدائم" الذي أدى به إلى التهدئة وحريات المقاطعات. وفي أول مارس دخل دون جوان بروكسل في احتفال رسمي، واغتبطت المدينة إذ رأت مثل هذا الحاكم الوسيم الأعزل الضعيف. ورحلت القوات الأسبانية. وساد السلام لفترة وجيزة ربوع البلاد المخربة.
وكانت أحلام جوان أكبر من إمكاناته المالية. وبعد مآثره وبطولاته في ليبنتو وتونس أوهنت العظمة اليائسة العاجزة فورة الدم الهادر بأوهام