للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقدمت الالتماسات وكافحت من أجل الإفراج عنه، حتى تم لها ذلك بعد عامين من المحاولة، شريطة أن يبقى جان تحت المراقبة في سجن في وستاليا ولحقت به هناك في ١٥٧٣، ومن المحتمل أن بيتربول رأى النور هناك، وعمد الطفل وفق الطقوس اللوثرية، ولكن، وهو لا يزال في المهد، تحولت الأسرة إلى الكاثوليكية. وفي ١٥٧٨ انتقل جان مع أسرته إلى كولون حيث اشتغل بالقانون وأثرى وازدهر، وعند موته (١٥٧٨) قصدت ماريا مع أطفالها إلى أنتورب للإقامة فيها.

وتلقى روبنز تعليمه الرسمي حتى سن الخامسة عشر فحسب، ولكنه زاد عليه بالدأب على القراءة وبالخبرة والتجربة. وظل لمدة عامين وصيفاً في خدمة كونتس لالنج في أودينار، والمفروض أنه تعلم هناك الفرنسية والسلوك الرفيع الذي تميز به عن معظم فناني عصره. ولما لحظت أمه ميله إلى الرسم، ألحقته للتدريب على يد طوبيا فرهاخت، ثم آدم فإن نورت، وأخيراً أوتوفاينوس، وكان رجلاً واسع الثقافة لطيف الحديث، وبعد قضاء ثمان سنوات في كنف هذا المعلم الممتاز، قصد روينز، وهو الآن في سن الثالثة والعشرين، إلى إيطاليا ليدرس الروائع التي هزت شهرتها النفوس المتعلقة بالتصوير. وفي فينيسيا عرض أعماله الخاصة على رجل في حاشية فنسنزو جونزاجا دوق مانتوا. وسرعان ما التحق روبنز بقصر الدوق في مانتوا، رساماً للبلاط وهناك أبدع لوحتين قاربتا الكمال الفني: "جوستوس لبسيوس وتلاميذه" (٨) وكان بين التلاميذ فيها بطرس وأخوه فيليب، ثم لوحة تمثله هو نفسه (٩)، أي روبنز، وهو نصف أصلع في الخامسة والعشرين. ولكنه ملتح جريء يقظ. وقام برحلات قصيرة إلى روب لينسخ للدوق بعض الصور، وإلى فلورنسه حيث شهد (ورسم فيما بعد بشكل مثالي) زواج ماريا مديتشي من هنري الرابع الغائب. وفي ١٦٠٣ أوفده الدوق في مهمة دبلوماسية إلى أسبانيا يحمل هدايا إلى دوق ليرما، وتقبل الوزير الرسوم التي كان روبنز قد قام بنسخها على أنها لوحات أصلية، وعاد الفنان إلى مانتو دبلوماسياً ناجحاً.