في لوحة "اغتصاب السابين"(٢١) إلا كل ما يستطيع أن يفعله جباران قويان رومانيان ليرفعا على ظهر جواد امرأة تسحر اللب من أسرارهم. وحتى في لوحة "عواقب الحرب"(٢٢) ليس ثمة ضعف. و"ديانا عائدة من الصيد (٢٣) " لم تكن إلهة إغريقية أنيقة طاهرة، بل ربة بيت فلمنكية عريض الكتفين قوية العضلات ذات مكانة اجتماعية، وفي كل هذه الصورة الضخمة الممتلئة لا ترى تحيلاً إلا الكلب. وغابات روبنز ملأى بآلهة يعتصرون أثقالاً، كما في "أكسيون وهيرا (٢٤) " و "أربعة أركان الدنيا (٢٥) "، وكما يمكن أن نكون قد توقعنا لم يكن "أصل المجرة (٢٦) "-فرضية مستديمة، بل ربة بيت بدينة تفيض سيلاً من اللبن من ثدي ممتلئ. أما "الربات الأخوات الثلاث (٢٧) " فهن نحيلات رشيقات، نسبياً، على أية حال. وفي "محاكمة باريس (٢٨) "(ابن ملك تروادة الذي خطف هيلانه-في الأساطير اليونانية) نرى سيدتين فقط-يشاكل زيهما الأزياء المتأخرة، أخرى تعد من أجمل صور النساء في الفن. وفي هذه الرسوم الوثنية عادة يوجد شيء أبعد كثيراً من الجسد، فإن روبنز أسبغ عليها من فيض خياله الخصيب الممتلئ بالحيوية والمرح، فهناك مائة من الملحقات الكمالية تملأ المنظر، مخططة في حرص ولكن دون دراسة، تبهر عين الناظر إليها باللون والدفء والحياة. وكما أنه ليس ثمة شيء يثير الشهوة في العرض المنتفخ، وأنه مجرد حيوية حيوانية، فليس هناك رسم واحد يثير الشهوة الجنسية. أن روبنز نفسه كان يتحلى بسلوك قويم إلى حد غير قياسي، بالنسبة لفنان شديد التأثر والحساسية بالضرورة للون والشكل، وعرف عنه أنه زوج فاضل و "رب أسرة موثوق"، لم تمسسه شائبة من التودد للنساء أو المخادعة (٢٩).
واعترف رجال الكنيسة في الفلاندرز ببراءة الناحية الحسية في رسوم روبنز، فلم يحسو بالحرج أو بوخز الضمير في أن يطلبوا منه أن يصور ثانية قصص العذراء والمسيح والقديسين، وقد أجابهم إلى سؤالهم، ولكن بطريقته