للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غير المبتذلة، ومن خلفائه الذين لا يحصى عددهم استطاع أن يصور في خيال أوسع، أو يرسم في مهارة أدق، الفكرة القديمة "عبادة الملوك (١) " ومن كان يجرؤ على تركيز العمل في تشكيل البطن السمين للأثيوبي المعمم ذي اللون البرونزي، وهو ينظر في ازدراء واضح إلى الوجوه الشاحبة حوله، ومن كان يحلم أن الوثني الذي يحدق النظر بعينه وبفرشاته إلى كل ركن وكل زاوية في جسم المرأة، يمكن أن يحب الجزويت وينظم إلى طائفتهم المريمية، ويؤدي التمارين التي وضعها أجنات ليولا لتطهير النفس برؤى الجحيم (٣١).

وفي مارس ١٦٢٠ تعاقد مع الجزويت على أن يضع قبل أن ينصر العام، تصميمات لتسعة وثلاثين رسماً تغطي سقوف كنيسة الباروك الفخمة التي كانوا قد بدأوا بتشييدها في أنتورب في ١٦١٤. وأنجز روبنز الرسوم التي حولها فان ديك آخرون معه إلى لوحات، دمرت كلها تقريباً في ١٧١٨، وقام روبنز نفسه بعمل صورتين عظيمتين للمذبح الرئيسي: إحداهما "أجنات يبرئ الذين مسهم الشيطان:، والثانية "معجزات سانت فرانسيس"، وكلتاهما الآن في متحف تاريخ الفن في فيينا.

ومع ذلك فإن روبنز كان كاثوليكياً على النحو الذي كانت تعنيه الكاثوليكية في عصر النهضة. ومسيحياً بحكم الموطن. وعاشت وثنية في ظل تقواه. ولم تكن مريمانة (صور السيدة العذراء في لوحاته) سوى نسوة داعرات غليظات يبدو واضحاّ أنهن أصلح لإيقاع الرجال في حبائلهن. منهن لإنجاب إله. وفي لوحة "العذراء في إكليل من الزهو (٣٣) " تمثل السيد المسيح صبياً أجعد الرأس، ومريم في زي ربة بيت فلمنكية ترتدي قبعة جديدة في يوم الأحد في أحد المتنزهات. وحتى في لوحة "رفع الصليب" (الموجودة في كاتدرائية أنتورب) نجد أن اهتمام وبنز بالتشريح يتغلب على الفكرة الدينية فالمسيح رجل رياضي مكتمل القوة والنشاط، لا إلهاً يعاني سكرات الموت.


(١) بلغ ثمن هذه اللوحة ألف دولار في مزاد علني أقيم في لندن ١٩٥٩.