للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "طعنة الرمح (٣٤) " مرة أخرى نجد التشريح هو كل شيء: فالمسيح واللصان شخوص ضخمة، والنساء تحت الصليب يتخذن وضعاً خاصاً أمام فنان، أكثر منهن مغمى عليهن من الحزن، فإن روبنز لم يستشعر هول الموقف.

وفي خمس مرات على الأقل تحدى روبنز الرسام الفينيسي تيشيان في "صعود العذراء"، وفي أشهر هذه المحاولات (٣٥)، تبدو العذراء ميتة لا حياة فيها، والأفراد الأحياء هم المجدلية والحواريون الجزعون عند المقبرة الخالية، وأجمل منها اللوحة الثلاثية (٣٦) التي أهدتها الأرشيدوقية إيزابل إلى جمعية الدفونسو الدينية في بروكسل: ففي الصورة الوسطى نزلت العذراء من السماء لتقدم لرئيس أساقفة توليدو. رداءاً من الجنة مباشرة، والقديس في خشوع تام "يلهث من العبادة"، على حين أنه في الصورتين الجانبيتين نرى إيزابل وألبرت قد وضعا تاجيهما جانباً "وركعا للصلاة، وهنا في هذه اللوحة الثلاثية. أضفى روبنز لوهلة قصيرة، بعض الحياة على التقوى أو صورها أحسن تصوير. وفي لوحة سانت أمبروزو الإمبراطور تيودوسيوسي (٣٧) "-أدرك روبنز ونقل إلى الصورة سطوة الكنيسة وسلطانها الخفيين: ففيها ترى رئيس أساقفة ميلان الذي لم يتسلح إلا بعدد من الكهنة وقندلفت (مساعد كاهن)، ولكنه متسم بالجلال والعظمة، يطرد من الكاتدرائية الإمبراطور الذي يحف به حرس رهيب، ولكنه مثقل بالقساوة التي لا تغتفر وقلما أخفق روبنز مع كبار السن من الرجال، ففيهم، وبخاصة في الوجه، تبرز قصة حياتهم، كما أن الوجه يعرض الشخصية والخلق واضحتين أمام الفن المدرك الواعي. أنظر إلى رأس الأب لوحة "لوط وأسرته يغادرون سودوم (٣٨) ". وهي واحدة من أروع لوحات روبنز في أمريكا.

وعاد في حيوية بالغة إلى الموضوعات الدنيوية، مختلطة بالأساطير عندما عرضت عليه ماري دي مديتشي أكثر العقود إغراءً في حياته. ووقع