في ١٦ فبراير ١٦٢٢ اتفاقية، يرسم بمقتضاها، في مدى أربعة أعوام، إحدى وعشرين صورة كبيرة وثلاث صور شخصية، تخلد ذكرى الأحداث في حياة ماري وزوجها هنري الرابع، ودعته الملكة للحضور ليعيش في البلاط الفرنسي ولكن هداه تفكيره السليم إلى البقاء في وطنه. وفي مايو ١٦٢٣ صحب معه إلى باريس اللوحات التسع الأولى، وأحبت ماري هذه اللوحات. كما أعجب بها ريشليو. وأكملت المجموعة في ١٦٢٤، وقصد روبنز بالبقية إلى باريس حيث رآها موضوعة في قصر لسمبرج. وفي ٢٨٠٢ نقلت اللوحات إلى اللوفر، حيث انفردت تسع عشرة لوحة منها بقاعة خاصة بها. ولن ينكر كل من رآها أو درسها على برونز العشرين ألف كراون (٢٥٠. ٠٠٠ دولار) التي تقاضاها في مقابل عمله، أو يحسده عليها، ولا ريب أن مساعديه قاسموه فيها. وهذه اللوحات في جملتها هي أسمى منجزاته. وإذا تجاوزنا عن بعض هنات السرعة، وارتضينا القصة التي لاتصدق-كما نفعل في أوفد، وشكسبير وفردي-فإننا سنجد هنا روبنز بكل سماته، اللهم إلا تقواه العارضة. ولقد أحب فخامة طقوس البلاط، وجلال السلطة الملكية، ولم يسأم قط النساء الممتلئات الأجسام، والثياب الفاخرة، والستائر وأغطية الأثاث البهية، وكان قد عاش نصف أيامه مع الأرباب والربات في الأساطير القديمة، ونراه الآن يضم هؤلاء جميعاً في قصص فياض، مع قدرة فائقة على ابتداع الأحداث العارضة، وغزارة في اللون وبراعة فائقة في التأليف والتصميم، ومما جعل هذه ملحمة وأوبرا في تاريخ الرسم.
ولم يكن يعوز روبنز إلا مرتبتين اثنتين من مراتب الشرف ليبلغ ذروة التمجيد-التعيين في الوظائف الدبلوماسية، والحصول على براءة النبالة. وفي ١٦٢٣ أوفدته الأرشيدوقية إيزابل ليفاوض، على أمل تجديد الهدنة مع هولندة، وكان لدى روبنز ما يحمله على توطيد السلام، فإن زوجته كانت طموحة في أن ترث عن عمها الهولندي مالاً (٣٩). وأخفت هذه الجهود، ومع ذلك أقنعت إيزابل الملك فيليب الرابع بأن يخلع على روبنز النبالة (١٦٢٤)