للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ١٦٢٠ تلقى أرل أروندل من أنتورب رسالة جاء فيها: "أن فانديك يقيم مع برونز، وتقدر أعماله بأنها تكاد تضارع أعمال أستاذه (٦٧) " فدعا الفنان الشاب إلى إنجلترا، فذهب فانديك وهناك تقاضى من جيمس الأول معاشاً زهيداً قدره مائة جنيه، ورسم قليلاً من الصور الشخصية، وتمرد على ما طلبه منه الملك من نسخ حقير لصور أصلية، وطلب منحة إجازة لمدة ثلاثة أشهر يتغيب فيها عن البلاد، فأجيب إلى طلبه، ولكنه مد الغياب إلى اثني عشر عاماً. وفي أنتورب دبر لزوجته وطفلها سبل العيش، ثم أسرع إلى إيطاليا (١٦٢١).

وهناك لول مرة أسرع الخطى وشمر عن ساعد الجد، وترك صوراً شخصية رائعة في كل مكان نزل به تقريباً، وعكف على تأمل أعمال البنادقة العظام، لا ليدرس اللون والضخامة لديهم، كما فعل روبنز من قبل، ولكن ليكتشف الأسرار الشاعرية في الرسوم الشخصية عند جيور جيوني وتيشيان وفيرونيز. وقصد كذلك إلى بولونيا وفلورنسة وروما، بل حتى إلى صقلية. وفي روما أقام مع الكاردينال جيد وبنتيفوجليو، وكافأه بصورة شخصية (٦٨) وكره الفنانون الفلمنكيون الذين كانوا يتضورون جوعاً في إيطاليا، من فانديك كياسته، وإن شئت تملقه وتودده، فنعتوه بأنه "مصور الفرسان"، وأتوا بأعمال قبيحة، إلى حد أنه رحل مسروراً بصحبة ليدي أروندل إلى تورين. وكان الترحيب به كبيراً بصفة خاصة في جنوة التي تذكرت روبنز، وكانت قد سمعت بميل فانديك إلى تمجيد النبلاء، حتى ليجعل من كل جالس أمامه أميراً. وفي متحف متروبوليتان للفن في نيويورك نموذج لهؤلاء الأرستقراطيين الجنوبيين: "المركيزة دورازو": وجه حساس ويدان رشيقتان ناعمتان (كما هو الحال دائماً في رسوم فانديك)، كما يحتفظ المتحف الوطني واشنطن بلو حتى "المركيزة بالبي" و"المركيزة جريما لدي"- وهي مزهوة حبلى. وفي برلين ولندن نماذج أخرى. واستطاعت جنوة أن