للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحتفظ في قصر روسو فيها بلوحة "المركيز والمركيزة" برينولي سالي وعاد فانديك إلى أنتورب (١٦٢٨)، وقد امتلأت جيوبه وانتفخت أوداجه وتأنق في مظهره.

وصرفه مسقط رأسه عن النبلاء إلى القديسين، وحتى يهيئ نفسه لهؤلاء ندم على ما أقترف من فحشاء، وأوصى بثروته الصغيرة لأختين من الراهبات، وأنظم إلى "الرابطة الجزويتية لغير المتزوجين"، وتحول إلى الموضوعات الدينية. ولم يستطع أن ينافس روبنز في هذا المضمار، ولكنه تجنب مبالغات الأستاذ العزيز الإنتاج وتألقه الشهواني، وأضفى على رسومه هو لمسات من الأناقة التي تعلمها في إيطاليا. وذهب رينولدز إلى أن لوحة فانديك "صلب المسيح" في كاتدرائية مكلين واحدة من أعظم الصور في العالم، وعلى أية حال ربما كانت هذه هي طريقة سير جوشوا في الوفاء بالدين.

وجرب فاندريك يده في صور الأساطير. وعلى الرغم من أنه لاحق نساء كثيرات فإنه لم يقبل على رسم الصور العارية ولم يبرع فيه. وكان موطن قدرته وامتيازه في الصور الشخصية. وفي هذه السنوات الأربع في أنتورب أنقذ من زوايا النسيان، بما رسم من لوحات "البارون فيليب لوري والكلب الأمين (٦٩) "، و"الجنرال فرانسيسكو دي مونكادا وجواده (٧٠) " و"الكونت رودوكاناكس (٧١) " الذي بدا كأنه سوينبرن، و"جان منتفورت" الذي بدا مثل فولستاف (إحدى شخصيات شكسبير)، وأروع رسوم فانديك في فيينا هي صورة "روبرت الشاب الأمير البلانين الفاتن" الذي سرعان ما خاض غمار الحرب دفاعاً عن شارل الأول في إنجلترا. ومن الرسوم الفاتنة كذلك صورة "ماريا لوبزا أوف تاسيس (٧٣) " غارقة في ثيابها الفضفاضة المصنوعة من الأطلس الأسود والحرير الأبيض. ولا يقل روعة عن هذه الرسوم كلها لوحة فانديك لبيتر "الجحيم" بروجل (الأصغر)، وهو رجل عجوز لا يزال يضطرم قلبه بحيوية لم ينضب معينها في أسرة تثير الدهشة.