وحتى ١٥٩١ كان التجار الهولنديون يشترون المنتجات الشرقية من أرصفة لشبونة ليعيدوا بيعها في أوربا الشمالية. ولكن فيليب الثاني غزا البرتغال في ذلك العام فحرم الاتجار مع الهولنديين، ومن ثم عقدوا العزم على أن يقوموا هم بأنفسهم برحلاتهم إلى الهند والشرق الأقصى. وكان اليهود اللاجئون من أسبانيا والبرتغال أو ذراريهم على علم تام بمراكز تجارة البرتغال في الشرق، فانتفع الهولنديون بعلمهم (٨٣). وعبر التجار الهولنديون، حتى أثناء الحرب مع أسبانيا مضايق جبل طارق، وسرعان ما اتجروا مع إيطاليا، ثم مع العرب، متجاهلين الفوارق الدينية في إصرار وثبات. وشقوا طريقهم إلى القسطنطينية، وعقدوا معاهدة مع السلطان، وباعوا بضاعتهم إلى الأتراك وإلى أعدائهم الفرس، على حد سواء، ثم ساروا إلى الهند. وفي ١٥٩٥ قاد كورنيلس دي هوتمان حملة حول رأس الرجاء الصالح ومدغشقر إلى جزر الهند الشرقية. وفي ١٦٠٢ قامت خمس وستون سفينة هولندية برحلة العودة إلى الهند. وفي ١٦٠١ أسست شركة الهند الشرقية الهولندية برأس مال قدره ستة ملايين وستمائة ألف فلورين-خمسة أمثال رأس مال الشركة الإنجليزية التي أسست قبلها بثلاثة شهور (٨٤). وفي ١٦١٠ بدأ التجار الهولنديون التجارة مع اليابان، وفي ١٦١٣ مع سيام، وفي ١٦١٥ سيطروا على جزر ملقا، وفي ١٦٢٣ على فرموزا. أنهم في جيل واحد فتحوا إمبراطورية من الجزر حكموها من عاصمة جاوة: جاكرتا التي سموها باتافيا. وفي هذه الحقبة أدت الشركة لحملة الأسهم ربحاً سنوياً قدره ٢٢% وكان الفلفل يستورد من جزر البهار، ويباع في أوربا بعشرة أمثال الثمن الذي يدفع للمنتجين المحليين (٨٥).
وحسب الهولنديون أن الأرض ملكاً خاص لهم. فأرسلوا سفناً للبحث عن طريق شمالي غربي إلى الصين. وفي ١٦٠٩ استأجروا إنجليزياً هو هنري هدسن، ليرتاد نهر هدسن. وبعد ذلك باثني عشر عاماً كونوا شركة الهند الغربية الهولندية. وفي ١٦٢٣ أسسوا مستعمرة الأراضي الوطيئة الجديدة