للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عين الرائي "كل منها شخص واحد منفصل"، ولكنهم جميعاً التقطوا في نفس اللحظة الحية التي التقى فيها تفكيرهم. وفي كثير من اللوحات التي رسمت في سنوات التهدم والتدهور هذه، يجد الخبراء علامات على انهيار الطاقة وانحطاط الأسلوب، بساطة الألوان، إهمال التفاصيل، العجلة في جريان الفرشاة وعدم الصقل. ولكنا، حتى في هذه الأيام نجد صوراً أخاذة، مثل "عود السخي (١٦٠) "-وهي تشخيص لا ينسى للصفح المحبب إلى النفس، و"العروس اليهودية (١٦١) " وتلك ثمرة عجيبة مدهشة تأتي من شجرة تذوي وتذبل.

ولكنا لم نذكر شيئاً عن مناظر الطبيعة ورسومه وحفره. ولم يبرز أو يتفوق إلا القليل من المناظر الربيعية، ولكن الرسوم بلغت القمة بين مثيلاتها وثمة رسمان مشهوران: "مشهد أمستردام" بالقلم والحبر، الموجود في فيينا، و"المرأة العجوز جالسة" في برلين. ويعد إنتاجه في الحفر مضارعاً لأحسن ما أنتج في ناونج هذا الفن الشاق المجهد. وعرف أحد أعماله في هذا الفن "المسيح يشفي المرضى"، باسم "القطعة ذات المائة جيلدر" لأنها اشتريت بثمن لم يسبق له مثيل (١٢٠٠ دولار؟). على أن نسخة منها على أية حال قدرت ١٨٦٧ بمبلغ ٣٥ ألف فرنك (٢٠ ألف دولار؟).

أن ٣٠٠ من أعمال الحفر، ٢٠٠ من الرسوم و٦٥٠ من اللوحات منجزات رمبرانت لا تزال باقية، تكاد تكون مشهورة مثل شهرة روايات شكسبير، وتكاد تكون متنوعة أصلية عميقة مثلها. وكلها تقريباً من صنع يديه. فعلى الرغم من أنه كان مساعدون، فإن أحداً منهم لم يشاركه سره في الكشف عما خفي وما لا يرى (١٦٢). وكانت بعض أعماله رديئة وبعضها منفراً، مثل "الثور المسلوخ" في اللوفر. وكان أحياناً يستنفذ كل جهده في الأسلوب الفني وفي أحيان أخرى يتجاوزه من أجل الرؤيا، أي رؤيا الفنان نفسه .. وكان، مثل الطبيعة، يتخذ موقفاً محايداً بين الجمال والقبيح، لأن الصدق عنده كان قمة