الجمال، وإن الصورة التي تمثل القبح حقاً هي صورة جميلة. وأبى أن يضفي أشكالاً مثالية على الشخوص في لوحاته الدينية، وأرتاب في أن يكون العبرانيون الوارد ذكرهم في التوراة على مستوى جمال اليهود في أمستردام، فصورهم على هذا النسق، ومن ثم انبعثوا من عالم الأساطير أو التاريخ إلى الحياة. وازداد شيئاً فشيئاً مع تقدمه في السن، حبه للبسطاء من الناس حوله، لا حب من جردهم السعي وراء الكسب من الروح الإنسانية. وعلى حين أن بعض الفنانين، مثل روبنز، التمسوا موضوعاتهم بين أرباب الجمال أو السعداء أو الأقوياء وأصحاب السلطان، فإن رمبرانت كان يسخو بفنه الحنون على المنبوذين والمرضى والبؤساء، حتى المشوهين ذوي العاهات، وعلى الرغم من أنه لم يسخر من الدين أو لم يهزأ به، فقد بدا أنه على غير وعي منه، يجسد موقف السيد المسيح وويتمان تجاه أولئك الذين أخفقوا، أو أبو أن يشتركوا، في صراع كل إنسان مع سائر بني الإنسان.
ولنلق نظرة أخيرة عليه في صوره الشخصية في شيخوخته. وليس هنا زهواً أو خيلاء، بل على النقيض، أنها قصة حياة الفنان بفرشاته هو، في أيام الخيبة والهزيمة. أنه عندما صور نفسه ١٦٦٠ (١٦٣)، كان لا يزال يواجه الحياة بمزيج من الشجاعة والاستسلام، فإن الوجه القصير السمين غير الحليق كان ساخراً لم يكن حزيناً، وكان لا يزال يتحرك قدماً. ولكن في صورة أخرى (١٧٤) في نفس العام، كانت ثمة نظرة قلقة حائرة تعتم الوجه وتكسوه بالتجاعيد حول الأنف الضارب للحمرة وفي ١٦٦١ رأى نفسه (١٧٥) في نفس الحيرة والارتباك. ولكنه لم يبال بالتجاعيد بطريقة فلسفية. وصور نفسه في عامه الأخير (١٦٦)، وكأنما وجد الطمأنينة وهدوء البال في ارتضاء قيود الحياة وحدودها ومرحها الساخر. وماتت هندريكا ١٦٦٢، ولكن ظل تيس يمتعه بمنظر الشباب، وفي ١٦٦٨ ابتهج الشيخ العجوز بزواج ابنه. ولما لحق الابن بالخليلة في هذا العام نفسه، فقد الفنان قدرته على التشبث بالحياة. وجاء في سجل