وجعلوا من الفلاحين أرقاء، وانتخبوا الملك، وحكموا البلاد عن طريق الريشستاغ أو الديت الوطني (الجمعية التشريعية) والريجستاد أو مجلس الدولة. وأفادوا من حركة الإصلاح الديني بامتصاص معظم الممتلكات التي كانت تابعة للكنيسة من قبل. وفي مقابل إعفائهم من الضرائب، كان متوقعاً منهم ولكنهم رفضوا في أغلب الأحيان، أن يسلحوا فلاحيهم ويقودوهم إلى الحرب، إذا استفزهم الملك، ولم يحظَ رجال الدين البروتستانت المحرومين من الثورة إلا بمكانة اجتماعية هزيلة ونفوذ سياسي ضئيل، ومهما يكن من أمرهم فإنهم سيطروا على التعليم وأشرفوا على الأدب، ومن ثم لم ينتج إلا لاهوتاً وتراتيل. ونعم جمهور السكان. وقد بلغ عددهم نحو مليون، بالإسراف بالطعام والشراب، حتى لقد نصح حلاق جراح عملاءه قائلاً:"إنه لمن الأفضل للناس أن يشربوا الخمر إلى حد الثمل مرة في كل شهر، وعندي لهذا أسباب قوية، فإنه يقويهم ويساعدهم على النوم العميق، ويسهل التبول والتنفس ويجلب السعادة الرفاهية عامة (١).
وظهر في هذه الحقبة شخصيتان دنيماركيتان من حقهما على التاريخ أن يذكرهما: تيكوبراهي أعظم الفلكيين في هذا الجيل، وكرستيان الرابع الذي لم يكن ملكاً على الدنيمارك لمدة ستين عاماً (١٥٨٨ - ١٦٤٨) فحسب، بل كان يمكن كذلك أن يتزعم الناس بصرف النظر عن الأصل الملكي. وإنا لنمر مروراً عابراً بوالده فردريك الثاني لنذكر أن المهندس المعماري الفلمنكي أنطونيوس فإن أوبرجر صمم له (١٥٧٤ - ١٥٧٥) حصن قصر كرونبورج في هلسينور-"السينور هملت".
وعندما مات فردريك ١٥٨٧ كان كريستيان صبياً في الحادية عشرة، فتولى الحكم لمدة ثمان سنوات أربعة أوصياء من النبلاء، ثم قبض كريستيان على زمام الأمور، وطيلة نصف القرن التالي. نعم بحياة مترفة في بذخ وحيوية ونشاط متعدد الجوانب، مما أدهش كل أوربا، وبز الملك توجيهات الحلاق