الجراح سالف الذكر، لأنه كان بانتظام في حاجة إلى من يعاونه في العودة إلى قصره بعد أمسية صاخبة مخمورة. وبلغ دنسه وتهتكه حداً لم يتفوق عليه فيه إلا القليل من رعاياه. وخلق عدد أولاده غير الشرعيين مشكلة في علم المحاسبة. وغض شعبه النظر عن هذه الأخطاء العادية، وأحبوه لأنه كان يرقص في أعراسهم واشترك في أعمالهم وخاطر بحياته كثيراً لخدمتهم، وأضاف إلى هذا كله معرفته باللاتينية والعلوم، وتذوقاً مثقفاً للفن، وعقيدة دينية ميسرة لم تثر أي جدل حول الجدير وغير الجدير بالتصديق والثقة، أو أي وخز للضمير حول المزاح والهزل. وساعد في أوقات فراغه على أن يجعل من كوبنهاجن (مرفأ التجار) إحدى العواصم الأكثر جاذبية وفتنة في أوربا. وضاعف برنامجه للبناء من محيط المدينة (٢) وفي عهده شيد قصر روزنبورخ، وسرعان ما قامت بعده سوق الأوراق المالية (البورصة) بواجهتها امتداداً كبيراً، وأرتفع اللوبي عالياً. وأصلح كريستيان حكومة النرويج وطور صناعتها وأعاد بناء عاصمتها التي حملت اسمه لمدة ثلاثة قرون:"كريستيانا"(سميت أوسلو ١٩٢٥). وفي الدنمرك أصلح الإدارة ونهض بالصناعات ونظم الشركات التجارية وأسس الكليات والمدن، ورفع من مستوى الفلاحين في الضياع الملكية.
وأطاح الطمع بالملك، ذلك أنه كان يراوده حلم إسكنديناوة بأسرها تحت حكم رجل واحد، أي تحت حكمه هو، ولكن النبلاء اعترضوا بأنه من المتعذر غزو السويد، ولم يمنحوه تأييدهم وعونهم وشن بالجنود المرتزقة أساساً حرب الكلمار على السويد (١٦١١ - ١٦١٣). وما أن قامت حرب الثلاثين عاماً حتى وجد نفسه على كره منه، متحالفاً مع السويد، دفاعاً عن قضية البروتستانت. وبرغم هذا الخطر المحدق به استأنف الحرب مع السويد (١٦٤٣) ولو أنه كان في السابعة والستين من العمر. وقاد قواته الهزيلة في حماسة رومانتيكية. وفي معركة كولمبرج البحرية (١٦٤٤) قاتل طوال يوم كامل على الرغم من إصابته بعشرين جرحاً، وفقد إحدى عينيه،